الاثنين، 14 يونيو 2010

«الأقباط بيغلوا.. والدنيا هايجة والمحاكم عمّالة تخبّط فينا» الأنبا بيشوى سكرتير المجمع المقدس


الأنبا بيشوى سكرتير المجمع المقدس: «الأقباط بيغلوا.. والدنيا هايجة والمحاكم عمّالة تخبّط فينا»

حوار غادة عبدالحافظ ١٤/ ٦/ ٢٠١٠

بيشوى

كعادته دائما كان هادئا وحازما فى نفس الوقت، يدافع بكل ما يملك من حجج وبراهين عن موقف الكنيسة المصرية وتمسكها بشريعتها وكتابها المقدس، لتنطبق عليه مقولة «حامى حمى الإيمان الأرثوذكسى».. هو الأنبا بيشوى، سكرتير المجمع المقدس ومطران دمياط وكفر الشيخ والبرارى، كاتم أسرار البابا شنودة، والذى أعلن بحزم - فى حواره لـ«المصرى اليوم» - أن الكنيسة لن تنفذ أى أحكام تخالف تعاليم الإنجيل، وطالب باعتبار المجلس الإكليريكى «مكتب خبراء للأحوال الشخصية».

■ لماذا تسبب الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بإلزام الكنيسة بالزواج الثانى للمطلقين فى صدام بين الكنيسة والدولة؟

- نحن لم نصطدم بأحد، فهذا ضد تعاليم المسيحية، لكن الحكم الصادر مخالف للشريعة، ويخالف تعاليم الإنجيل الصريحة فى هذا الشأن فالمسيح يقول: «وأما أنا فأقول لكم إن من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزنى، ومن يتزوج مطلقة فإنه يزنى». وقال أيضا: «من طلق امرأته وتزوج بأخرى يزنى عليها وإن طلقت امرأة زوجها وتزوجت بآخر تزنى»، والكلام هنا صريح، ونحن لن ننفذ أى أحكام تخالف تعاليم الإنجيل، وأعضاء المجمع المقدس أعلنوا رفضهم أى أحكام ضد الإنجيل، أو ضد حريتنا الدينية التى كفلها لنا الدستور، والزواج فى المسيحية سر مقدس من أسرار الكنيسة وشأن دينى بحت لا يجوز التدخل فيه، وكنت أربأ بالقضاء عن التدخل فى هذا الأمر كما أن الشريعة الإسلامية تقول: «إذا أتاك أهل الذمة فاحكم بينهم بما يدينون»، وجميع قوانين الأحوال الشخصية الوضعية تقول «حسب شريعتهم» ومع ذلك صدر الحكم مخالفا لشريعتنا.

■ الحكم صدر مستنداً إلى لائحة ١٩٣٨، وهى معترف بها قانونا؟

- هذه اللائحة وضعها المجلس الملى ١٩٣٨، وكان أعضاؤه من الباشوات والبهوات، ولم تعرض على الكنيسة وقتها، وصدرت فى غياب البابا ورفضها جميع البطاركة السابقين، لأن بها نصوصاً تخالف الكتاب المقدس، وهى النصوص الخاصة بمسائل الزواج والطلاق ورفضتها الكنيسة، ولم تعمل بها فى أى وقت، وحتى يتجنب البابا شنودة مخالفة تعاليم الكتاب المقدس قرر تعديل لائحة ١٩٣٨ عام ٢٠٠٨، وألغى منها ٢٠ بنداً منها ٧ بنود كانت مخالفة للكتاب المقدس، وتم نشرها فى جريدة الوقائع المصرية.

■ لكن البعض يردد أن هذه التعديلات غير قانونية لأنها لم تعرض على مجلس الشعب؟

- هذه التعديلات نشرت فى جريدة الوقائع المصرية والمحاكم أخذت بها فى كثير من أحكامها خلال الفترة الماضية «يبقى اشمعنى بيقولوا عليها مش قانونية دلوقتى».

■ وما الخطوة التالية لرفض الكنيسة تنفيذ الحكم النهائى؟

- الخطوة اللى جاية إن الدولة تقول لنا ناوية تعمل إيه معانا، لأن الأقباط بيغلوا والدنيا هايجة جداً والمحاكم عمالة تخبط فينا والوضع مش سليم، فلما نشوف تصرف الدولة هانتحرك، لأن القاضى اللى أصدر هذا الحكم لم يراع مصلحة الأقباط ولا شرائعهم، ولا نعرف هو ليه وضع سبب للاختلاف بين الكنيسة والدولة، وزى ما قال البابا إحنا واثقين فى حكمة الرئيس مبارك، وأنه لن يقبل المساس بالأقباط ولا بشرائعهم، ونحن نعلم اهتمامه شخصيا بالأمر.

■ البعض يطالب بإصدار قانون الأحوال الشخصية الموحد، الذى وضعته الكنيسة المصرية من قبل لحل الأزمة الحالية؟

- أنا طبعا مع صدور قانون موحد للأحوال الشخصية لجميع الطوائف المسيحية، لأنه أكثر شمولية فى العديد من الأمور الخاصة بالأسرة والزواج والطلاق، ولأنه حدد الحالات التى يجوز فيها الطلاق، وهى «الزنى» أو «تغيير الدين»، وده هيمنع أى صدام فى المستقبل بين الكنيسة والمحاكم، ولكن هذا القانون، الذى تم وضعه وتعديله فى ١٩٩٨، لا يكفى لحل المشكلة بين المحاكم والكنيسة، ويجب إضافة مادة مهمة جداً له، لإحداث نوع من التوافق والتنسيق بين الكنيسة والمحكمة، فالقانون لو صدر على وضعه اللى كان عليه هتستمر المشاكل ولن تنتهى.

■ وإيه هى المادة دى؟

- أن تراعى المحاكم المدنية أحكام المجالس الإكليريكية التابعة لرئاسة كل طائفة مسيحية فى مصر، ورأيها الشرعى عند بحث أى قضية أحوال شخصية فى الطلاق أو البطلان، ليكون هناك تناسق وتوافق بين حكم المحكمة المدنية وقرار المجلس الإكليريكى، خاصة أن «المجلس» يستطيع الاطلاع على أسرار قد يصعب أو لا يجوز نشرها فى المحاكم.

■ نيافتك بترجع كده لنفس نقطة الخلاف، وهى أن «المجلس» هو الذى يختص بأمور الطلاق والزواج وليس المحكمة؟

- لا.. أنا أقصد أن المحكمة تعتبر المجلس الإكليريكى بكل طائفة مكتب خبراء للأحوال الشخصية فى القضايا الخاصة بهذه الطائفة، أسوة مثلا بالطب الشرعى فى جرائم القتل والجنايات ومكاتب الخبراء التابعة لوزارة العدل التى تسند لها المحاكم الكثير من القضايا، لوضع تقرير فنى تعتمد عليه عند إصدار حكمها، وإحنا بنطالب بالبند ده، والمحكمة تبعت لنا للفحص، كما تفعل مع مكاتب الخبراء، وتقول يا كنيسة إيه رأيكم فى الدعوى المعروضة فنفحصها، ونبعت لها تقرير حسب طلبها بأنه استقر فى ضمير المجلس الإكليريكى، وحسب شريعة المسيحية، أنه يحق لهذا الرجل أن يطلق زوجته، أو المرأة أن تطلق زوجها،

ولدينا فى ملفات المجلس الإثباتات الكافية لذلك، وبعضها بيدخل تحت بند الأسرار فممكن القاضى لما يكون عنده بند زى ده فى قانون الأحوال الشخصية هيوافق حسب مجلس كل طائفة لأنه فى كثير من الأحوال المجلس الإكليريكى يصل إلى حقائق يصعب إثباتها فى المحكمة، قد تغير مثار قضية الطلاق برمتها، فمثلا الخيانة الزوجية، أى علة الزنى، يمكن إثباتها فى «المجلس» بمنظور قد لا يتأتى للمحكمة أن تحصل عليه، خاصة فى بند الزنى الحكمى. أو قد تقيمه بمقاييس تختلف عن المقياس الكنسى، وتوجد أسرار فى الكنيسة قد لا يجوز إعلانها، مثل سر الاعتراف، وأحيانا بيكون الأب خايف على سمعة بناته، ومايرضاش يروح المحكمة ليثبت علة الزنى على زوجته، وبيفضل ييجى الكنيسة.

ويوجد قانون صادر وسارى المفعول منذ الحكم العثمانى، ولايزال فى القوانين المصرية وأحكام المحاكم، التى لها وزنها وأهميتها بأحقية المجالس الإكليريكية فى أن تحكم فى المسائل الكنسية.

وهذا البند مطلوب إضافته للقانون فى باب الطلاق أو البطلان، لأنه إذا لم يتم وضعه يبقى المحاكم هتحكم حسب رؤيتها فقط، والمجلس الإكليريكى بيبقى واخد قرار مختلف ومن هنا ينشأ الاختلاف ثم الصدام.

■ ولماذا لم تضف تلك المادة من قبل اثناء وضع القانون من قبل الطوائف الكنسية وهى مجتمعة؟

- وقتها ماكناش جربنا الأحكام ولا عرفنا مدى الاختلاف والخلاف الذى يمكن أن يحدث بسببها لكن بعد التجربة لابد أن تكون الكنيسة، من خلال المجلس الإكليريكى، طرفا فى قضايا الطلاق والزواج للحفاظ على «الشريعة» التى لن نقبل أن نخالفها مهما كانت النتائج.

وإذا تأخرت الدولة فى إصدار هذا القانون فعلى الأقل يجب أن تضاف تلك المادة إلى لائحة ١٩٣٨، بعد تعديلها، لحل الخلاف بين القضاء والكنيسة.

■ رغم الخلاف بين الكنيسة وأقباط المهجر الذى أعلنته الكنيسة أكثر من مرة فإن الحكم وحد كلمتهم، وأعلنوا تأييدهم لـ«البابا» فى رفضه فهل هذه بداية مصالحة بين الكنيسة وأقباط المهجر؟

- أعلنت الكنيسة رفضها تصرفات بعض أقباط المهجر ومهاجمتهم المستمرة للنظام والرئيس مبارك، فأقباط المهجر ليسوا نوعاً واحداً، غالبيتهم قريبون من الكنيسة من الناحية الرسمية، لكن هناك بعض التيارات المتنوعة فيها بعض التشدد والتطرف ودول بيهاجموا الكنيسة أيضاً.

■ حتى المتشددون ساندوا موقف البابا فى رفض تنفيذ الحكم القضائى؟

- إذا وافقونا كتر خيرهم، وإذا وقفوا ضدنا مالناش دعوة بيهم، إحنا ماطلبناش منهم يوافقونا ولا يعارضونا، هما بيعبروا عن رايهم فى نقطة مهمة تمس دينهم وشريعتهم، والبابا كان ينوى الاجتماع مع وزيرة القوى العاملة، بناءً على طلبها، علشان ينسقوا مع بعض الأمور، بخصوص أقباط المهجر، وبعد ما حصل عقب صدور الحكم البابا قال «أنا ها روح أقول لهم إيه دلوقتى» واعتذر عن اللقاء.

فموقفنا بالنسبة لأقباط المهجر حاليا محرج جداً، لأن إحنا لو قلنا لهم إن كل حاجة تمام، وإننا مبسوطين فى بلدنا، هيفقدوا ثقتهم فينا، وهيقولوا لنا إنتم مابتقولوش الحق والحل إن الدولة تحل المشكلة بسرعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق