الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس ومطران دمياط، ليس اسماً عادياً في الكنيسة القبطية، إنه الرجل الثاني فيها والشخصية الحازمة المثيرة للجدل.
البعض يراه صخرة الكنيسة وحاميها، لكن البعض الآخر يعتقد أنه السبب الرئيسي في المشاكل التي تتعرض لها.. لكن الكل يجمع علي أنه «صاحب القبضة الحديدية» في الكنيسة.
الغموض الدائم يحيط به، نتيجة ابتعاده عن وسائل الإعلام التي كثيراً ما هاجمته مما ألصق به صفة الغرور.
حين ذهبنا إليه لإجراء حوار معه، ظهر عليه التردد المصحوب بالريبة، لكن كلمات من الأنبا موسي «أسقف الشباب»، حسمت الموضوع.
تحدثنا معه عن كل التساؤلات والأفكار الحاضرة دائماً في ملف العلاقة بين عنصري الأمة.. فتحنا العديد من الدوائر المغلقة التي كانت حتي وقت قريب من المحرمات.
* لكن البداية كانت من نقطة الشائعات والأقاويل التي تطلق حوله.. فما سببها.. سألناه.. فأجاب:
- السبب يرجع إلي اختيار البابا شنودة لي نائباً له في المجلس الإكليريكي عام ١٩٨٥، والمجلس يمثل محكمة كنسية معترفاً بها من الدولة، وجهازاً رقابياً يقوم بمحاكمة المذنبين من أبناء الكنيسة، وفي العام ١٩٨٦، شغلت موقع سكرتير عام المجمع المقدس، ثم تفرغت في العام ١٩٨٩، للمحاكمات التأديبية في المجلس،
ومن الطبيعي أن يتعرض أي شخص يتولي القضاء الكنسي إلي الهجوم، وفي الوقت نفسه فإن القانون يعطيني نفس الحقوق وسبل الحماية التي يعطيها للقاضي العادي في المحاكم المدنية، ولكن الناس لا تعي ذلك، ولو تم التساهل في مسألة القضاء والرقابة فسيتحول الأمر إلي فوضي، وسبق أن أعلن البابا وأنا معه أكثر من مرة أن الشخص الذي حوكم كنسياً وشعر بالظلم، يقدم طلباً من ورقة فقط بفتح ملف التحقيق الخاص به إلي الرأي العام، ومنذ ١٥ عاماً لم يصلنا أي طلب بهذا الشأن.
* لكن ما السر في الهجوم الصحفي عليك عكس باقي الأساقفة؟
- بعض الصحف تهاجمني، ثم تأتي وتطلب الحديث معي، لكني أرفض إجراء حوارات مع هذه الصحف، لأنه يفترض ألا تهاجم شخصاً قبل الاستماع إليه أولاً، وكان ممكناً أن أجعل مثل هذه الصحف تحوّل الدفة وتستبدل الهجوم علي بالمديح، إذا وافقت ولبيتُ طلبهم بالمقابلة. يضاف إلي هذا سعي بعض الصحف إلي مجرد الإثارة و«الفرقعة» ليس أكثر. والحالة الوحيدة التي أقوم فيها بالرد عندما يطال الهجوم البابا شنودة شخصياً، أو الكتاب المقدس، ويكون الرد في صحف أخري أكثر اعتدالاً.
* رغم الجدل المستمر حولك، فإنك أكثر الأساقفة قرباً من البابا شنودة.. هل لهذا القرب علاقة بعدم التفاتك إلي هذا الهجوم؟
- رجال القضاء عادة لا يفضلون الحديث أو الظهور الكثير في وسائل الإعلام، إضافة إلي أنه كما توجد ردود فعل ضدي، توجد أيضاً ردود معي، ولم يقم أحد باستطلاع رأي الكنيسة ليؤكد إذا كنت فعلاً أكثر الأساقفة قرباً من البابا، علي كل الأحوال فإن ثقة البابا في شخصي تجعلني أتجاهل كل ما يقال، لكن المسألة أن من لا يحبونني أصواتهم عالية ولا يعترفون بأخطائهم، والمشكلة تتمثل في عدم حصولنا علي حقنا في الحصانة القضائية وعدم جواز الاعتراض علي الأحكام الصادرة.
* ماذا عما يتردد حول صراع مراكز القوي داخل الكنيسة؟
- مركز القوة الحقيقي هو البابا شنودة، لكن المسؤوليات تجعل آراء البعض مختلفة بين بعض الزملاء، والكل يعرض آراءه علي البابا والمجمع المقدس، والرأي الأرجح هو الذي يفرض نفسه في النهاية، ولا يجوز تسمية ما يحدث بأنه صراع، بل إنه حرية رأي، ومن الطبيعي وجود اختلاف، وإلا أصبح الناس نسخة مكررة من بعضهم البعض.
* وما حقيقة ما يقال بشأن وجود جناحين داخل المجمع المقدس.. أحدهما بقيادتك والثاني يتزعمه الأنبا يؤانس؟
- لا يوجد فريقان في المجمع، ولكن من الجائز أن يتضايق أسقف معين بسبب عزل أسقف صديق له، ويقوم بعمل منشورات عدائية ضد المجمع المقدس وقراراته، وهي حالات فردية لا تمثل أي جبهة، إضافة إلي أن كل الحالات في هذا الشأن لم يكن للأنبا يؤانس أي علاقة بها.
* إذا كنت توافق علي فتح ملفات الأساقفة المعزولين.. فلماذا لم ترد الكنيسة حتي الآن علي اتهام ماكس ميشيل لها بأنه فُصِلَ دون محاكمة؟
- كلام ماكس ميشيل غير صحيح، وأنا لم أحاكمه، ووقتها كان مساعد شماس في زفتي، وكثرت الشكوي ضده حتي وصلت إلي أسقف زفتي الأنبا يؤانس الذي حذره من نشر أفكاره الغريبة «الخمسينية»، لكنه صمم عليها، فأوقفه الأسقف عن الخدمة.
وكان رد فعل ميشيل قيامه بتأسيس الجمعية الخاصة به، وبدأ يحدث الناس بالفكر الخمسيني، وظل الأمر هكذا حتي جاءت أحداث عام ١٩٧٦ وقيام الرئيس السادات بحصار البابا، وأراد عزله، فأعلن ماكس أن الله غاضب علي الكنيسة الأرثوذكسية، وأنه هو المؤتمن عليها، كما تطاول وقال إن الله وجّه للكنيسة ضربة شديدة، لأنها - حسب قول ميشيل - «كنيسة نائمة»، وشبه القائمين عليها بـ«الفئران والصراصير»، إضافة إلي أن ماكس لم يحكم عليه بالحرمان من الكنيسة، لكنه فُصِلَ بعد ادعائه أنه أسقف، وهو متزوج ولديه بنتان. كما أنني وجهت إليه سؤالاً أكثر من مرة ولم يجب عليه.. وهو: «إذا كان كما يقول أسقفاً أرثوذكسياً.. ففي أي كنيسة تزوج باعتباره لم يتزوج في الكنيسة القبطية»؟
* في رأيك.. لماذا يلتف الأقباط حول المخالفين عن الكنيسة دائماً، وما قصة الراهب دانيال البرموسي؟
- دانيال البرموسي اسمه حالياً إدوار إسحاق، وعقيدته «خمسينية»، وليس كل من حوله الآن أرثوذكس، ويرجع سبب التفاف بعض الأقباط حوله إلي أنه خدم في الكنيسة ١٢ عاماً، وهذه الفترة تجعل له أصدقاء وأتباعاً. وحتي البروتستانت بعد أن فتحوا له كنائسهم لفترة، غضبوا منه لاتخاذه الخط «الخمسيني» المتطرف، وشعروا بانجذاب أتباعهم إليه، فأغلقوا كنائسهم في وجهه.
* هل يعني هذا أن المذهب «الخمسيني» أقوي من باقي المذاهب لذلك يخاف منه الأرثوذكس والبروتستانت؟
- المذهب «الخمسيني» به نقطتان هما سبب انجذاب الناس إليه... الأولي أنه يقول إن الكل سيدخل الجنة مهما كانت الخطايا، والثانية، أن أفراده يزعمون أن لديهم مواهب خارقة، مثل القدرة علي شفاء الأمراض. ودانيال البرموسي أصدر كتاباً قال فيه بالنص: «إن الإنسان إذا شعر بتأنيب الضمير فهذا يكون من الشيطان». ومن هنا نستطيع فهم كيفية خداعهم الناس.
* بعض الصحف المسيحية الناشئة تدعي مساندتك لها مما أرجعه البعض إلي محاولتك تصعيدها لمنافسة جريدة «وطني».. فما صحة ذلك وما حقيقة الخلاف بينك وبين «وطني»؟
- المسألة تتلخص في أن الصحف التي هللت لحركة العلمانيين لا أتعامل معها، لأن التعامل لا يكون إلا مع الصحف التي تؤيد موقف الكنيسة الرسمي، ولا يجوز دينياً أو عقائدياً، وأنا سكرتير عام المجمع المقدس، أن أكتب في جريدة لا تتبني موقف الكنيسة، إضافة إلي أنني لم أكن أكتب فيها من قبل. ومؤخراً عندما طالبوني بحوار أو كتابة مقال رفضت.
* كيف هذا والبابا يكتب فيها شخصياً؟
- هذا ليس صحيحاً، ومن ناحيتي فإن اتجاهي إلي الجرائد الصغيرة «المسيحية» له سبب وجيه.. فعندما تنشر «الأهرام» هجوماً شديداً جداً للدكتور زغلول النجار علي الكتاب المقدس، فلابد أن أرد، ولكن المؤكد أن «الأهرام» لن تنشر الرد، إضافة إلي أن الجو العام سيشتعل، لذا يكون من الأفضل الرد في جريدة توزع داخل الكنائس.
* ما السر وراء إصدارك مجلة خاصة بك.. ومن أين تمول؟
- هي ليست مجلة سياسية، بل إنها خاصة بمطرانية دمياط، وتهتم بالأمور الروحية سواء في مقالاتي أو في مقالات الآباء الكهنة التابعين للمطرانية. والمجلة تمول نفسها لأنها تباع وبها بعض الإعلانات الخاصة بالوفيات والزواج.
* لماذا دائماً الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي أكثر الكنائس تشدداً دفاعاً عن المسيحية في الوقت الذي تتهم فيه بأنها أقل من بعض الكنائس لأن مؤسسها «مرقس» كان تلميذاً ولم يكن من رسل المسيح مثل بطرس مؤسس كنيسة روما؟
- أولاً كنيسة روما أسسها بولس الرسول، وهذا مذكور في كتاب «مرقس الرسول» الذي ألفه البابا شنودة، ودعني أشرح آية «أنت بطرس وعلي هذه الصخرة أبني كنيستي». فالمسيح كان يتحدث اللغة الآرامية، وفي النص الآرامي للكتاب المقدس الصخرة تعني المسيح، أما الكلمة التي عليها اختلاف فهي كلمة «كيفا» ومعناها الحجر، ولكن في اللغة اليونانية للأسف معني كلمة الحجر والصخرة واحد.
أما مرقس ففي وقت وجود المسيح كان شاباً صغيراً، فلم يستطع أن يضعه في الاثني عشر رسولاً، ولكنه بعد ذلك قام بكتابة أحد الأناجيل الأربعة، ومثبت تاريخياً أن إنجيل مرقس هو أول إنجيل كتب، وقبلته الكنيسة الجامعة كلها والرسل الاثنا عشر.
والكنيسة المصرية هي أكثر الكنائس حدة ودفاعاً، لأن الرب أعلن ذلك في سفر أشعيا «الإصحاح ١٥» عندما ذكر مصر باعتبارها أعظم مملكة في العالم كله، والديانة المصرية القديمة هي أعظم ديانة في العالم كله.. ليس في صحتها ولكن في عمق فلسفتها ورسوخها، بالإضافة إلي أن كنيسة الإسكندرية هي التي حفظت الإيمان المسيحي.
* لماذا ترفض الكنيسة الأرثوذكسية زواج الفتاة من غير الأرثوذكسي؟
- لأن البيت يكون منقسماً، وسينشأ صراع لدي الأطفال، وهل سيتبعون الأب أم الأم، وأي من الكنيستين سيذهبون إليها، ونحن نقول للشاب الكاثوليكي إذا أردت الزواج فتزوج من كاثوليكية، لأن هذه الزيجة -أي الزواج من أرثوذكسية- لا تصلح، وسيحدث فيها مثلما يحدث بين السنة والشيعة في العراق.
والكنيسة الأرثوذكسية تنص علي أن غير الأرثوذكسي الذي يرغب في الزواج بداخلها، لابد أن ينضم إليها أولاً، ولا فرق في هذا بين رجل وامرأة، وذلك لأن الدولة تطبق الشريعة الإسلامية بين الزوجين في حالة اختلاف الملة، وهي مسألة صعبة نتمني أن تراجع الدولة فيها نفسها.
وقانون عام ١٩٥٥ الخاص بهذا الموضوع مخالف للشريعة.. «إذا أتاك أهل الذمة فاحكم بينهم بما يدينون» لذلك نحن نطالب بتغيير هذا القانون الظالم، لأنه أيضاً يخالف القاعدة القانونية «العقد شريعة المتعاقدين»، وفي هذه الحالة يطبق عليهم قانون العقد الذي تزوجوا عليه، وسبق أن طلبت من الكثير من المسؤولين في الدولة تغيير هذا القانون.
* قوبل قرار البابا بتحريم الزواج من أخت المتوفاة بالهجوم الشديد واتهامه بمخالفة العقيدة المسيحية، فما رأيك في هذا الموضوع؟
- هذا ليس قرار البابا فقط، ولكنه قرار من المجمع المقدس، واتخذ بعد خطاب الأنبا غورغوريس أسقف البحث العلمي «المتوفي»، واتخذ هذا القرار بإجماع وقع عليه ٣٣ أسقفاً، وصدرت به وثيقة منفصلة وبها تحذير من أن أي كاهن سيتخذ موقفاً ضد هذا القرار سيعرّض نفسه للمساءلة، والزواج من أخت الزوجة كان استثناء في الشريعة الموسوية في حالة وفاة الأخ دون إنجاب، فيتزوج الأخ الزوجة وينسب الابن الأول للمتوفي.
وكل كنيسة لها تنظيماتها في الزواج، فالكنيسة الإنجيلية تتبع شرائع معينة في الزواج، وكذلك الكاثوليكية، ونحن لا نتدخل في شؤونها، فلماذا يتدخلون في قضية مثارة بين أسقف والبطريرك التابع له. لابد أن تناقش كل كنيسة قوانينها الشخصية داخلها، ومن الأفضل أن يتركونا في حالنا ولا يدلوا بآرائهم في أمور تخصنا.
* سبق أن قمت بنقد الطوائف المسيحية الأخري وقوبل هذا النقد بهجوم شديد جداً عليك، فهل مازلت عند رأيك أم تراجعت؟
- أرفض تدخل الصحافة في الخلافات التي بين الطوائف المسيحية في مصر، ونقدي الطوائف الأخري لم يكن بقصد وصوله إلي الصحافة، لأن رأيي الدائم أنه لا دخل للإعلام بالخلافات العقائدية. وأعترف بوجود خلافات عقائدية بيننا، ومن حقي أن أعلم أولادي العقيدة الصحيحة، ولكن هذا لا يكون علي صفحات الجرائد، ومنذ تلك الواقعة أصبحت لا أقبل النقاش في عقائد تخص الطوائف الأخري علي مستوي قد يصل إلي الإعلام.
* ننتقل إلي نقطة أخري قد تكون شائكة.. غضب الأقباط من الدكتور محمد عمارة عندما وصفهم بالكفار، علماً بأن المتطرفين في كل دين أو حتي طائفة يرون من خارجها كفاراً، فما نظرة المسيحية للإسلام؟
- معرفة الرد علي هذا السؤال موجودة في الأناجيل، ولكن عندما نشرح مسيحيتنا، فنحن نشرحها بطريقة إيجابية، وسبق أن رفضنا أسلوب زكريا بطرس في تجريح الآخر، وبنفس الصورة طالبنا بأن يكف عمارة عن التجريح في المسيحية، خاصة عندما يكون هذا التجريح في وسائل الإعلام والصحف القومية، ومشروع القراءة للجميع الصادر عن هيئة ترعاها الدولة، لأنه يوجد فرق بين تدريس منهج في مكان أكاديمي وبين الهجوم والإساءة في الإعلام الحكومي.
* هل تري الإعلام حراً أم موجهاً؟
- لا أعرف، لأن زغلول النجار وعمارة عندما كتبا ضد المسيحية كثيراً، كان ذلك في جريدتي «الأهرام» و«الأخبار»، ووصل الأمر بزغلول النجار إلي أن يقول إن اليهود عملوا من الكتاب المقدس «قراطيس» لبيع الترمس واللب!! ويقول إنه عندما بدأت رسالة المسيح زيف اليهود كل الأسفار. ومن جانبنا فقد قمنا بالاحتجاج كثيراً، خاصة أن جريدة «الأهرام» أنشأها مسيحيون، فكيف يصل الأمر إلي هذه الدرجة، ونحن كمسيحيين خاصة في مصر لا ندعو إلي الاعتداء علي الآخر، علي عكس ما يحدث لنا، وهنا الخطورة علي أمن البلد.
* الكنيسة تعلن دائماً رفضها أي تدخل أجنبي في الشأن المصري الداخلي، وفي الوقت نفسه تدافع عن أقباط المهجر، أليس في ذلك ازدواجية في التعامل؟
- أقباط المهجر ليسوا كلهم بنفس التوجه، ولا حتي نفس اللغة، ومن يدعون أنهم قيادات المهجر أقل لهم: من نصّبكم قيادات؟ ومن غير المعقول أن كل شخص يجمع حوله ١٠ أفراد يعتبر نفسه مؤسساً لتجمع، في حين أن المهجر به مئات الآلاف من الأقباط، حديث الغالبية العظمي منهم لا يختلف عما تقوله الكنيسة، والسبب في هذا اللبس يأتي نتيجة وقوع اضطهاد علي القبطي بسبب عقيدته مثل قضية الطفلين أندرو وماريو، أو مشكلة العائدين إلي المسيحية، فيقوم أقباط المهجر بالدفاع عنهم، وهو نفس موقف الكنيسة وكل المسيحيين، فيما عدا شخصاً مثل جمال أسعد الذي سيكون بالطبع ضد التيار. والمصادفة تكون في اتفاق رأي الكنيسة مع من يسمون أنفسهم زعماء المهجر، ومن هنا يحدث اللبس.
* في حالة عدم حصول العائدين إلي المسيحية علي حكم بتغيير ديانتهم في البطاقات الشخصية.. هل ستعترف بهم الكنيسة؟
- الرفض مخالف للدستور الذي يقر حرية العقيدة، ولكن في حالة الرفض لا أعرف ما سيكون عليه الوضع، ولكن هؤلاء يسمح لهم الآن بدخول الكنائس والصلاة ولا يمكن منعهم حتي لو قبض علينا، لأن عقيدتهم الحقيقية هي المسيحية.. فكيف يلبسونهم عقيدة ليست عقيدتهم. وفي المقابل إذا اقتنع أحد بالإسلام أمنعه من دخول الكنيسة، بل آخذه من يده للمسلمين وأقول: «هذا اقتنع بالإسلام.. خذوه.. فهو لا يلزمنا»، ولكن العكس هو ما نرفضه، بمعني أن يقتنع أحد بالمسيحية، وبعض الأشخاص يريدون إجباره علي البقاء في الإسلام.
* في حالة تحوّل شخص من الإسلام إلي المسيحية تخرج أصوات لتطالب بالحرية الدينية، وفي الوقت نفسه تتحول هذه الأصوات إلي الرفض والاعتراض إذا حدث العكس وتقوم المظاهرات والهتافات داخل الكنائس.. ألا تري تناقضاً في هذه المواقف؟
- هذا نتيجة سوء فهم الناس لحقيقة الأوضاع، والواقع أن اختفاء فتاة عمرها ١٨ عاماً أو أقل فجأة ودون معرفة أين ذهبت، وهل هي مخطوفة أم هاربة أم تعيش قصة حب، أم عندها اعتقاد حقيقي بالدين الآخر، هو الذي يدفع الناس إلي الثورة، خاصة أن الأمن يرفض الإفصاح عن مكانها أو حتي الإدلاء بأي معلومات عنها، ثم نفاجأ بأنها قامت بتغيير دينها وأن المسؤولين والجهات الرسمية أصدروا بطاقة شخصية جديدة لها مثلما حدث في المحلة منذ عام ونصف العام مع «نرمين» (١٨ سنة) عندما أخذوها وأقنعوها بالإسلام، ولكنها لم تتزوج وعادت إلينا بعد ذلك، فلماذا التسرع إذن!
وبالنسبة لموضوع فتاة المحلة الحالية «أمل زكي» عندما تقابلت مع مفتش مباحث أمن الدولة هناك، قلت له: «إذا كانت مقتنعة أخبرني ولن أدخلها الكنيسة»، ولكنه أجاب بالرد المعتاد: «لا نعرف مكانها»، وعندما تحدث تجمعات مسيحية مصحوبة بهتافات أطالبهم بالعودة إلي داخل أسوار الكنيسة، وأحذرهم من الخروج إلي الشارع حتي لا تحدث صدامات واحتكاكات مع أحد.
في بعض الأحيان تندلع مظاهرات بالرغم من أن الحالات المتحولة إلي الإسلام كبيرة في السن وتستطيع تحديد أهدافها مثل وفاء قسطنطين وطبيبتي الفيوم؟
ـ وفاء قسطنطين بعد ٦ أيام من عودتها لنا، قالت «أنا مسيحية وهاعيش وأموت ميسحية»، ولقد تقابلت معها واخبرتني بأنها كانت تمر بمشاكل، فحاولت تشكيك نفسها في المسيحية حتي تتخلص من مشاكلها، وهي حالياً بصحة جيدة علي عكس ما يشاع عن تدهور صحتها.
أما طبيبتا الفيوم فهما تمارسان مهنتهما الطبية وتعملان في الفيوم ولم تمت أي منهما كما أشيع، وفي حالة «مس شعرة» واحدة منهما، كنت سأدخل السجن لأن الأمن متابع مصير هؤلاء الناس جيداً، وقد ظهروا علي الإنترنت بعدما قيل أن الكنيسة حلقت شعورهما وتعذبهما، وكذبتا بنفسيهما هذه الشائعات لأننا لا نجبر أحداً علي اعتناق عقيدة معينة.
* في رأيك ما هو الحل الأمثل للقضاء علي هذه الظاهرة؟
ـ كل طلبنا هو إتاحة الفرصة لنا للجلوس مع من يريد التحول إلي دين آخر، قبل عملية التغيير الرسمي، فمن الجائز أن يكون لديه مشكلة أو شيء لا يفهمه، ولكن ما يحدث أن العملية تتم في سرعة وتنتهي الإجراءات في لمح البصر، وبعد فترة يطالبون بالعودة ونواجه نحن المشكلة مع الدولة، والجهات التي تقوم بهذه الأفعال تضع البلد في مشكلات دون داع، إضافة إلي ضرورة إعادة جلسة النصح التي كانت موجودة من قبل وألغيت بعد حادثة وفاء قسطنطين، وفتاتي الفيوم لأنهن عدن إلي المسيحية.
* بعض الكهنة صرحوا بعد تكرار الحوادث الطائفية مؤخرًا أن ما يحدث أصبح منهجًا للحزب الوطني، ولوحوا بالكف عن دعم الحزب في المرحلة القادمة حتي لو رشح جمال مبارك رئيسًا للجمهورية.. فهل توافق علي هذا؟
- أنا شخصيا سوف انتخب جمال مبارك إذا حدثت انتخابات للرئاسة، وذلك ليس بفكرة التوريث ولكن بمبدأ اختيار الأفضل، ولو كان قدر لي أن السادات عاش وأخرجنا من المعتقل وقام بترشيح نفسه كان من المستحيل أن ننتخبه «من شابه أباه» فالمسألة ليست توريثًا ولكن قدموا لنا من هو أفضل من جمال مبارك، ونحن نختار هذا في حالة وجود من هو أفضل منه أساسًا.
ولو وضعت ترشيحات لعدة شخصيات وحددت المعايير والصفات وتم إعطاء نمر وفق المواصفات، فسيحصل جمال بحياد تام علي أعلي الدرجات فهو لافت للنظر.. هادئ الأعصاب.. رزين وعقلاني التفكير.. مؤدب جدًا في التعامل مع الآخر.. لا يميل إلي الفرقعة الإعلامية.. يعمل في الخفاء وفي صمت بصورة إيجابية، وهذا ليس تحيزًا لفكرة التوريث، ولكني أتحدث كمواطن عادي.