الأحد، 21 مارس 2010

سر منع شنودة الأقباط من الحج للقدس ــ هل موقف شنودة موقف وطني ام شخصي؟؟؟

جذور الأزمة.. وأسبابها.. بين السادات والبابا شنودة

بقلم حسنين كروم ١٠/ ٩/ ٢٠٠٨
كنا قد توقفنا في العدد الماضي عند رواية صديقنا العزيز المرحوم الأنبا غريغوريوس، أسقف البحث العلمي بالكنيسة الأرثوذكسية، حول اجتماع الرئيس الراحل أنور السادات، عليه رحمة الله، مع البابا شنودة وأعضاء المجمع المقدس، بتاريخ ٢١ سبتمبر سنة ١٩٧٧ في استراحة القناطر الخيرية من الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر حتي السادسة والنصف، وموقف الرئيس السادات من البابا شنودة، سببه، حسب غريغوريس، حادثة وقعت عام ١٩٧٢.

فقد أرسل أحد المديرين التابعين لوزارة الأوقاف في مدينة الإسكندرية تقريرًا إلي وزير الداخلية ووزير الأوقاف، وكتب عليه: عاجل جدًا.. مهم جدًا.. سري جدًا.. قال فيه: إن البابا بعد أن حضر اجتماعا موسعًا، دعا إلي عقد اجتماع علي نطاق ضيق، ضم عددًا من الشخصيات القبطية العامة، وتحدث فيه في أمور سياسية، وعن أوضاع الأقباط، وأنهي التقرير بعبارة «اصحوا يا مسلمين.. انتبهوا يا مسلمين».

وكانت المفاجأة، يواصل غريغوريس، أن هذا التقرير انتشر بسرعة وكان يتلي في بعض المساجد والأماكن، وترتبت عليه أحداث طائفية، وشُكلت لجنة تقصي حقائق من أعضاء مجلس الشعب برئاسة الدكتور العطيفي عليه رحمة الله - يقصد جمال العطيفي - وهي اللجنة التي أصدرت قانون الوحدة الوطنية، وهو قانون عارضناه نحن الأقباط، وأثار استياءنا، لأننا لا نريد قوانين تنظم العلاقات أو الخلافات مع إخوتنا المسلمين، لأننا أبناء وطن واحد، بل اعتبرنا هذا القانون تأكيدًا للخلاف الطائفي، وقلنا رأينا هذا وضربنا مثلاً بما كان يحدث أيام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، عليه رحمة الله، عندما كانت تبلغه أنباء عن بعض الاحتكاكات، أو الحوادث الطائفية.

كان يكتفي بأن يطلب منا، أن نجتمع برجال الدين المسلمين نزورهم ويزوروننا فقط، ولم يشكل لجانًا أو يصدر قوانين، المهم انتهت لجنة تقصي الحقائق إلي نتيجة وهي أن ما جاء في التقرير غير صحيح بالمرة، كما أصدر الاتحاد الاشتراكي بيانًا بالمعني نفسه.

واعتقدنا أن الأمور وضعت في نصابها، إلا أننا سمعنا من بعض المسؤولين أن الرئيس السادات مقتنع تمامًا بكل ما جاء في التقرير، أما عملية النفي فمسألة سياسية تمت للتهدئة، والسادات استقر في قلبه وعقله أن البابا يحاول تكوين زعامة سياسية له بين الأقباط، وكان يقول باستمرار - أي السادات: «أنا عايز أعرف هو أنا اللي باحكم البلد، ولا شنودة»!

ولذلك كانت حساسيته من البابا عميقة، مستندة إلي إيمانه بصحة ما جاء في التقرير وتزداد باستمرار دون سبب مفهوم. وبتاريخ ٢٤ ديسمبر سنة ١٩٨٠، اجتمع السادات بمناسبة عيد ميلاده مع الأعضاء الأقباط في مجلسي الشعب والشوري، وعددهم واحد وعشرون عضوًا وحضر الاجتماع عثمان أحمد عثمان، وفي الغرفة التي حدث فيها الاجتماع كان الرئيس يعلق صورة لمطران المنوفية، وفجأة نظر للصورة وقال: «الولد ده كنت بحبه ولكن دلوقتي لأ».

وأخذ يهاجم البابا شنودة دون أن يذكر اسمه، فقالت له إحدي الحاضرات: يا سيادة الرئيس، إذا كنت عملت مبادرة مع إسرائيل، ماتقدرش تعمل مبادرة مع الكنيسة؟

فقال لها: «أنا بحب الأقباط والأقباط بيحبوني، إنما أنا ضد راجل واحد فيهم».

وكان يقصد البابا، وهذه الأزمة والحساسية تجعلان من المستحيل من الناحية المنطقية أن يحدث تعاون وتنسيق بين الرئيس والبابا ضد الجماعات الدينية الإسلامية.

«وحتي لو كانت العلاقة بينهما علي أحسن ما يرام وطلب السادات مثل هذا الطلب، فكان سيقابل بالرفض التام، فنحن لا نتعاون مع أحد ضد إخواننا المسلمين، مهما حدث بيننا وبين بعضهم من سوء تفاهم».

هذا نص شهادة الأنبا غريغوريوس، وقد سألته: هل كان لموقف البابا من منع حج الأقباط إلي القدس أثر في توتر العلاقة بينه وبين السادات.

قال: لا نستطيع أن نقطع برأي في هذا، وموقف البابا أساسه عدم موافقة الحكومة الإسرائيلية علي إرجاع دير السلطان إلي الكنيسة، وقد طلبنا مرارًا من الرئيس السادات أن يستغل هذا الموقف، ويضغط علي بيجين، لكنه لم يفعل ولا نعرف إن كان قد اعتبر موقف البابا عملاً موجهًا ضد الثقافة مع إسرائيل أم لا، إنما البابا اتخذ هذا الموقف بسبب دير السلطان.

وفي النهاية أنبه إلي حدوث تحولين مهمين في موقف الإخوان من البابا.. وموقف البابا من إسرائيل بعد اعتقالات سبتمبر ١٩٨١، التي قام بها السادات، وعزله البابا.. فقد كان الإخوان عبر مجلتهم الشهرية الدعوة، يهاجمون البابا ويتهمونه بإشعال الفتنة ولكن بعد عودته لمنصبه زاره للتهنئة في الكنيسة مرشد الإخوان، المرحوم عمر التلمساني، علي رأس وفد من الجماعة للتهنئة، وقال لي إنه معجب بالبابا ويتمني أن يري شيخًا للأزهر مثله.

أما البابا فقد تحولت معارضته سفر الأقباط للقدس، بسبب دير السلطان، إلي موقف عام ربطه بعودة الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودخول الأقباط القدس مع إخوانهم المسلمين

نقلا عن المصري اليوم
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=177981&IssueID=1159

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق