الاثنين، 22 مارس 2010

نعم.. نحن نظلم النصارى!

حاشية: التنصير في معرض الكتاب

***

د محمد عباس

www.mohamadabbas.net

mohamadab47@yahoo.com

نعم.. نحن: -المسلمين والدولة- نظلم النصارى..

ونحن لا نتلاعب بالألفاظ.. ولا نمارس حيل التشويق ووسائل الإثارة .. ولا نضع في بداية المقال لغزا لا تأتي إجابته إلا في آخر سطر حتى نحتفظ بقارئ ملول في المصيدة.. بل نقولها منذ البداية على خطى شيخنا وفقيهنا وعلامتنا محمود شاكر أننا لا نسعى إلى قارئ لا يسعى إلينا ولا نحرص على من لا يحرص علينا.. وليس في الأمر أي كبرياء معاذ الله.. بل إننا نعاني ونكابد وننزف ونحن نكتب باحثين عن الحقيقة.. ومن يكابد ويعاني وينزف لا يدعو الناس لمشاركته.. فالناس يُدْعوْن إلى الولائم لا على التضحيات.. على المغانم لا المغارم..

ظُلمنا للنصارى إذن ليس لغزا.. لقد ظلمناهم حين لم نردهم عن ظلمهم..!!..

ظلمناهم حين لم نحمهم من قرناء السوء والشياطين وتركناهم نهبا لوسوسة شياطين المهجر وهم خونة وعملاء وطلائع "مارينز".. وهم لا يختلفون في شيء عن خونة العراق الذين دخلوها على ظهور الدبابات الأمريكية.. لا يختلفون عنهم في شيء إلا أن هؤلاء يزعمون أنهم نصارى وأولئك يزعمون أنهم مسلمون وما هم بنصارى ولا مسلمين بل كلاب مسعورة وخنازير مأجورة لتدمير أوطانهم لصالح الطامع الغربي الذي يروم احتلالها والسيطرة عليها. الطامع الغربي الذي لم يرث مسيحية روما بل وثنيتها. فلم تتنصّر روما إنما ترّومت الكنيسة.

تركنا جمهور النصارى نهبا لهم فظلمناهم.. وكانت الأنظمة الحاكمة الغبية التي لا ترى أبعد من كرسي الحكم ترى في الإسلام والمسلمين الخطر الأكبر القادر على إزاحتها وعلى التصدي للطامع الصليبي واليهودي فاتفقت مصلحة المحتل المحلي مع مصالح الطامع الأجنبي مع مصالح أقباط المهجر مع مصالح إخوان الشياطين من العلمانيين والشيوعيين وكان المسلمون هم الضحية الأولى ونصارى الداخل هم الضحية الثانية.. وقد كانت الدولة مسئولة عن هذا الظلم كله لكننا كمسلمين ساهمنا في ظلم نصارى الداخل حين لم نوضح لهم الحقائق بقوة وجلاء.

ظلمناهم حين تركناهم يصدقون أن التسامح ضعف وأن الكرم خضوع وأن الأريحية خنوع وأن المسلمين يقيدهم الدين –الإسلام- وليس استعانة أزلام المهجر بالغرب.

لقد فعلنا بهم ما يفعله الأب الضعيف بأحد أبنائه حين يتركه- تدليلا – يقع في حبائل الانحراف والغواية فيضيعه ويصعب عليه بعد ذلك إعادته للصراط القويم. إنه بهذا يدفع بابنه للهلاك.

***

إن العملية بالغة التعقيد والتركيب.. ونحن لا نريد أن نحرث في البحر ولا أن نعيد –للمرة الألف-تأكيد ما هو مؤكد.. ولا أن ننفي -للمرة المليون- ما هو منفي.. لأن الملاحظ أننا في ساحة ليس للكلمات فيها دور.. ولا للحجة نصيب.. فالغلبة للضجيج والكذب.. للادعاء الذي لا يقوم عليه دليل.. لتصدي أناس لا يتصور أبدا أنهم يمرغون كرامتهم وكرامة مناصبهم في الوحل فيكذبون.. لأجهزة إعلام ينطبق عليها المثل العربي:"رمتني بدائها وانسلت".. مع توضيح واحد هو أن الداء الذي رمتنا به هو الإيدز بل ما هو أخطر. بيد أننا في اقترابنا من القضية يجب أن نحدد عناصر ما نتحدث عنه.. وهو فسيفساء تحسبها من بعيد قطعة واحدة وكلما اقتربت فوجئت بتعدد القطع وتمايز الألوان.

***

العناصر التي تحدد لنا حدود وهيكل ما نتعرض له – وهي لا تعبر عن مصر وحدها – تنقسم في البداية إلى عنصرين: حكومة .. وأمة..

وأي حكومة يمكن أن تكون وطنية أو عميلة.. شرعية أو غير شرعية.. عادلة أو ظالمة.. مؤمنة أو كافرة.. مخلصة أو خائنة.. أمينة أم لصة.. منحازة للأمة بكل طوائفها.. أو منحازة لطائفة واحدة .. أو منحازة لنفسها فقط..

أما الأمة فهي كالنهر.. تيار رئيسي متدفق يمثل النهر ومياه آسنة على الشاطئ. والأمة تتشكل من فئات وطوائف تتوازن كالأواني المستطرقة.. كالنهر وفروعه.. التي تنبع منه أو تصب فيه..في توازن دقيق يحسبه الجاهل عشوائيا والكافر سدى.. فكلما كان التوازن مطابقا للواقع كان الأمر مستقرا وقابلا للاستمرار فإن بغت فئة على الأخرى تتآكل إمكانية الاستقرار وتتنامى احتمالات الانفجار.

إن ملاحظة سنن الله في الكون تجعلنا نلاحظ على الفور أن التدافع سنة من سنن الوجود.. وأن الفراغ ممنوع.. فإذا نشأ لسبب غير طبيعي سارع عامل آخر بالاستيلاء عليه.

إن هذه النظرية يعرفها تلاميذ المراحل التعليمية المتوسطة.. فمن الصورة البسيطة للأواني المستطرقة إلى تدافع الغازات في الجو إلى صراع الذرات عبر جدران الخلايا إلى قوانين حركة الجزئيات بل إلى المجرات.

هذه السنة الكونية لا تقتصر على الأشياء بل تشمل الأحياء أيضا. ذلك أن أي فراغ –بدءا من الأسرة وانتهاء بالقوى العظمى مرورا بالمجتمعات- لابد أن يتقدم من يسده ويملؤه.. فإذا كان الزوج ضعيفا -على سبيل المثال- فتخلى عن مكانته فإن الزوجة تتقدم على الفور لتشغل الفراغ.. بل إنه بين الإخوة في الأسرة الواحدة.. إذا كان أحد الإخوة ضعيفا وتخلى عن بعض حقوقه تقدم شقيقه على الفور ليستولي عليها- إلا من رحم الله-.

تستمر الأمور وتستقر إذا كان الضعف حقيقيا والقوة حقيقية والاتزان حقيقيا. فإذا كان الضعف مزيفا والقوة مصطنعة- كأن يلجأ أحد الإخوة إلى تقييد أخيه بالحيلة كي يستولي على حقوقه.. أو إذا ما استقوى بأجنبي على شقيقه.. أو خضع لغواية الأجنبي وتحريضه فانقلب على أخيه.. أو كان هناك من الأسرة من انحرف وفسد وجرفه عالم الإجرام فما عاد يبالي بتدمير أسرته وتحريض بعضها على بعضها رغبة في مكافأة من عدوه.. إن كان تدافع الأحداث قد نتج عن أي من ذلك فإن الأمر لا يستقر مهما طال.. والظالم لا يستمر مهما نال وصال.

***

أظن أن هذه الأمثلة البسيطة السابقة تلخص وتجسد ما يطلقون عليه الأزمة الطائفية في بلادنا. إنها ليست أزمة طائفية. بل جزء من الهجمة الصليبية الصهيونية علينا. ولشد ما هو محزن أن يستدرج إليها رفاقنا في الوطن الذين عايشونا ألفا وخمسمائة عام دون مشاكل حقيقية.. ثم جاء من يحرضهم علينا كي يتحرشوا بنا وكانوا هم البادئين دائما كما قال المحافظ القبطي مجدي أيوب. كانوا هم البادئين وكان على الدولة أن تردع لتقوّم.

ليست فتنة طائفية.. بما فيها حادث نجع حمادي الأخير والذي تبارى أسوأ من في الوطن:الشيوعيون والعلمانيون إلى التعبير عن شعورهم بالخجل كي يثبتوا التهمة على المسلمين والإسلام وصولا إلى حصار المسلمين والقضاء على الإسلام. إنهم أشبه الناس بالتوربيني.. هل تذكرونه.. ذلك المجرم الذي نشأ في الشارع وكان يغتصب أطفال الشوارع ويلقي بهم من فوق أسطح القطارات.. إنه بلا انتماء ولا أخلاق ولا مرجع ومعروض دائما للإيجار. تماما كالشيوعيين والعلمانيين!.

كانوا كداعرة تتنقب ليس للتوبة وإنما لتهرب المخدرات أو لتشوه صورة المنقبات.

قالوا أنهم خجلون مما حدث في نجع حمادي وأن أبناءهم لا يستطيعون رفع أعينهم في وجوه زملائهم النصارى في المدارس.

كانت الداعرة المنقبة ترمينا بدائها وتنسل..

ولكنني مسلم .. ولم أشعر بالخجل..!!

أحفادي في المدارس أيضا لم يشعر أي واحد منهم بأي خجل وكانوا ينظرون في أعين زملائهم النصارى بتعاطف حقيقي ويعزونهم.. هذا إذا لم يشغلهم اللعب والشجار عن التذكر.. وما حدث لي هو بالضبط ما حدث لزملائي و لأبناء زملائي وأحفادهم..

وفوق ذلك فإنني لم أقابل مسلما يشعر بأي خجل!!.

ذلك أن ما حدث لم يكن بيد أي إسلامي.. ولا يمثل أي مسلم.. ولم يقل به شرع الإسلام ولا فقهه.. وليس له علاقة بالإسلام ولا بالمسلمين.. فما يخجلنا إذن؟!.

ثم أن من المضحك.. وشر البلية ما يضحك.. أنه لو صدق الكذاب وأصاب الرويبضة.. وكان وراء ما حدث في نجع حمادي أو سواها من يطلقون عليهم أنهم جماعات إرهابية.. فإنه حتى هذه الجماعات لن تشعر بالخجل.. إذ كيف تشعر به وقد أنفذت ما تراه شرع الله!!

لم تقصد أبواق مسيلمة إذن أن تنطق صدقا وأن تشهد حقا وإنما قصدت أن تنافق سيدا حتى لو احترق البلد كله.

لم يخجل إذن أحد..

آخرون هم الذين كان يجب أن يخجلوا.. منهم مسئولون سياسيون.. ومنهم بعض النصارى.. ومنهم الأمن الذي انفصل عن مهامه الرئيسية في حماية الوطن والمسلمين والنصارى إلى حماية النظام. ولكن هذه الطريقة الغبية في حماية النظام ستؤدي ليس إلى انهيار النظام فقط .. بل إلى انهيار النظام والدولة وتشظي الأمة.

كنا نشعر بالحزن.. بالأسف.. لكننا لم نشعر بالخجل أبدا.. وكنت أنا شخصيا فوق الحزن والأسف أشعر بالغضب الشديد.. لأن ما حدث هو ما تنبأت به وحذرت منه منذ أعوام طويلة حين حذرت من أمرين حدث أولهما بالفعل: وهو أن الاستفزاز والابتزاز سيؤديان في النهاية إلى عمليات انتقام خارج إطار الدين لا تحركها إلا العصبية القبلية. أما الأمر الثاني وهو أخطر والحمد لله أنه لم يحدث بعد.. وهو أن رجال الأمن الذين تمرسوا منذ أكثر من نصف قرن على التنكيل بالمسلمين وتدنيس المساجد وإطلاق الرصاص فيها.. أولئك سيصلون إلى نقطة الفهم والعجز عن الاستمرار.. وسينضمون إلى فئة الذين ينتقمون جهلا.. أو إلى فئة الذين ينكل بهم ظلما.

نعم..

لماذا يشعر المسلمون بالخجل.. والجاني بلطجي ليس له بالدين علاقة-باعتراف الأنبا كيرلس- كما أنه تربية الحزب الوطني وبتشجيع النصارى كي يضربوا به الإخوان المسلمين والإسلاميين عموما.. فهل نشعر نحن المسلمين بالخجل عندما يحوّل هذا المجرم -الذي سلطوه علينا- سلاحه من صدورنا إلى صدورهم هم.. صدور من سلطوه وحموه ورعوه!!..

هل نحن الذين يجب أن نشعر بالخجل؟!..

أستطيع أن أجزم أن من شعروا بالخجل (كمّونيون) وليسوا مسلمين.. وأستطيع أن أؤكد أن أحدا منهم لم يركع لله ركعة..إنهم يشبهون الكموني وينتمون إليه وهم مثله لذلك خجلوا من فعلته.. إنهم مثله.. حتى لو كان اسمهم منى الشاذلي أو معتز أو هناء أو حتى سلامة أحمد سلامة!.

***

لكننا نريد أن نضع بعض المحاذير الهامة حتى لا نضل. فوسط عمليات التغريب والتغييب ينزف الوعي وتضيع الحقائق. لكننا ننبه القارئ هنا أننا سنتكلم على مستويين: مستوى التيار الرئيسي الصالح الذي يمثل الغالبية ومستوى الانحرافات والشذوذ.. وهناك فرق بين أخطاء الممارسة في الحياة اليومية وبين خطايا الخيانة المدبرة سلفا مع سبق الإصرار والترصد.

من هذه المحاذير أن وسائل الإعلام لم تعد مهتمة بإظهار الحقائق أو بنشر الأخبار. بل هي تصنع الأخبار بل تصطنعها. تزيفها. وهي أخبار مدفوعة الثمن. ومن مردوخ إلى ساويرس تشترى الأقلام وتضيع الحقيقة. ومنها أن مستوي ممارسي الكذب ارتفع من السوقة والدهماء إلى حملة التيجان وأصحاب الصولجان. تماما كما يحدث في لعبة الشطرنج حين ينكشف الملك فيقوم بدور الجنود.

المحذور الثاني أن تعداد النصارى في مصر أقل من 5,5% وأن من يدعي رقما أعلى من هذا كذاب أشر أيا كان منصبه ووضعه. وهو كذاب يعرف أنه كذاب، وكلما ازداد حجمه كبر إثمه. فلا يمكن –على سبيل المثال أن يصدق أحد أن الرئيس مبارك أو محمد حسنين هيكل أو البابا شنودة لا يعرفون نسبة عدد النصارى. لقد كرر الرئيس النسبة التي ذكرها كلينتون ونحن نعتب عليه، لأن كلينتون صليبي ذو غرض وهوى ومن مصلحته أن يكذب-وبالطبع لا يوجد أي افتراض لكونه يجهل الحقيقة- أما البابا شنودة فقد زاد علي النسبة التي ذكرها كلينتون. ولكن محمد حسنين هيكل قفز قفزة بهلوانية جديرة به وبتاريخه فقد أراد أن يجامل كل الأطراف التي يراها عندما قال أن عدد النصارى في مصر يتراوح ما بين 10-15%.. هيكل.. الذي يعرف عدد النمل والأبراص والسحالي في شقوق الأرض والجلادين في السجن الحربي وعدد الشهداء في الحروب والسجون وعدد من دفنوا أحياء في سيناء يذكر رقما نسبة الخطأ تقارب 50%. أما الخمسة في المائة التي تفصل ما بين الـ10% والـ15% فهي تشكل أربعة ملايين نسمة. لقد جامل الجميع ما عدا المسلمين فهو لا يراهم.. تماما كما لا يرى الأمريكي الأبيض الهنود الحمر.. ذلك أن مجرد رؤيته لهم دليل على إجرامه.

والسؤال هنا لماذا يكذبون؟

لا أريد أن أكرر ما هو معلوم بالضرورة عند كل مسلم أن النسبة لا تعنى لنا شيئا وأن من قتل نفسا واحدة فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا –في تكريم للفرد وحفظ لحقوق الإنسان لم يحفل التاريخ بمثله- وأن تلك هي المعادلة التي تحكمنا في الحقوق والواجبات لكن السؤال يبقي: لماذا يكذبون وهم يعلمون أنهم يكذبون.

لن نتطرق الآن إلى الكتب الوحيدة في العالم الذي تأمر بقتل الأطفال والنساء والشيوخ والبهائم وبشق بطون الحوامل وقتل الأجنة في بطون أمهاتهم .

***

المحذور الثالث: لماذا يعتبر عدد النصارى ونسبتهم سرا عسكريا؟ من الذي يمنع إعلان عددهم؟ ولمصلحة من؟ هل المسلمون هم الذين يمنعون؟ وهل يستطيعون؟ ولماذا لم يقلب أقباط المهجر العالم علينا كما يقلبونه من أجل أشياء أتفه بكثير بل من أجل أكاذيب سافرة وغالبا فاجرة لكنهم لم يحاولوا أبدا أن يطلبوا –مثلا- من الأمم المتحدة إجراء هذا التعداد.. أو حتى أن يقوموا به بأنفسهم.. أما الإجابة فلأنهم يعلمون أن أي تعداد سيفضح أكاذيبهم ويثبت أن عددهم أقل من 5,5%. والأكثر من ذلك أن باحثا قبطيا أثبت أنهم يتناقصون بالهجرة والإسلام وتنبأ أنهم سينقرضون تماما في نهاية هذا القرن.

المحذور الرابع: هو ذلك المدى الفج الذي بلغوه من محاولتهم أن نغير ثوابتنا ومنها القرآن. محاولة مضحكة تلوى فيها أعناق الحقائق لمنع المسلمين من وصف النصارى بالكفر والعكس ليس صحيحا لأن كفر المسلمين لديهم من البديهيات. فهم يمنعون التكفير في اتجاه واحد ويسمحون به للاتجاه الآخر.

بينما الكفر اتجاه طبيعي جدا.. وعلى سبيل المثال فإنني أول الكافرين بالطاغوت وبالتعذيب وبالتزوير وبالتوريث وبالهجمة الصليبية الصهيونية علينا بينما أومن بالمقاومة والجهاد والاستشهاد..

كل إنسان على ظهر الأرض إذن لابد أن يكون مؤمنا بأشياء وكافرا بأشياء.

وعلى سبيل المثال فإنه لا يصح دين مسلم يؤمن بأن الله ثالث ثلاثة كما لا يصح إسلام من لا يكفر بالطاغوت.

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)المائدة

لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)

المحذور الخامس: أن الناس في أي فئة ليسوا كتلة متجانسة بل يجمعون بين المتناقضات. سوف تجد هذا الأمر في المسلمين كما في النصارى. كما أن الفئات الفرعية من هذا وذاك تحتوي على نفس ألوان الطيف. وعلى سبيل المثال فإن فكر الدكتور رفيق حبيب – النصراني- أرقى عندي بكثير وأصح من آراء كثير من المسلمين بل أصح من آراء شيخ الأزهر. كما أنني في تقييمه أظنه أقرب إلى الله من كثير ممن يزعمون الإسلام وليسوا بمسلمين. لكننا نقرر في الجانب الآخر أنه برغم يقيننا من أن أقباط المهجر من أخس وأفجر الناس في التاريخ وأكثرهم كذبا وخيانة.. إلا أن بعضهم على الأقل قد يكون معذورا بجهله.

المحذور السادس : لو أن جبارا أو طاغوتا جاء وسد مجرى النيل فماذا سيحدث؟ لن يتوقف النيل عن الجريان ولن يتوقف الماء عن السريان. لكنه بدلا من أن يسير في مجراه الطبيعي الهادئ يحمل الخصب والنماء، فإنه بعد سد مجراه سيفيض على الشطآن ليدمر ويهدم ويخرب ويجتاح.. وبعد أن يفقد قواه وتنكسر اندفاعته وينهد.. لا يسلم منه إلا ما يتسرب في باطن الأرض.. أما الباقي فإنه يتجمع في برك ومستنقعات حيث يأسن الماء ويتعفن.. وتنشأ الحشرات والطفيليات والملاريا والأفاعي والأدغال حيث ترتع الوحوش. وتعوم الجيف النافقة. إن سد نهر النيل هو المعادل لسد مجرى التدفق الطبيعي لحركة المجتمع. وهكذا فإن سد المجرى الطبيعي للمجتمع المسلم – شاملا النصارى كحضارة وثقافة- قد أدى إلى التشرذم والتشظي والعفن والبرك والجيف النافقة.

على أنه لابد أن نلاحظ – وهذه جملة اعتراضية هامة- أنه حتى في حالة استمرار النيل في مجراه الطبيعي فإن التيار المتدفق الذي يمثل النهر لا يشمل المجرى كله.. لأن الماء بجوار الشواطئ يركد ويأسن ويحمل الجيف وينشر المرض.. الفرق بين النهر الجاري والنهر الذي سد مجراه هو فرق كمي. وهو الفرق بين استثناء يثبت القاعدة وبين قاعدة انهارت تماما وتركت مكانها للاستثناء والشذوذ.

إنني أقصد بهذا أن جيفة على شاطئ النهر لا تلوثه. - تماما كما لا يلوث مجتمع النصارى قبطي من أقباط المهجر أو بلطجي على علاقة مريبة بالأنبا ونائب الشعب معا بالإضافة للحزب: وظيفته الرئيسية التي اتفق عليها محور الشر الثلاثي هي ترويع المسلمين ومنع الناخبين من الوصول إلى صناديق الانتخاب وإسقاط المرشح المسلم. أما وظائفه الأخرى فتتراوح ما بين البلطجة وفرض الإتاوات واتهامات بالشذوذ وتجارة الآثار والعلاقة به على أي حال مشينة. وعندما يختلف اللصوص وينتقم المجرم الأجير لنفسه فإن محور الشر لا يتورع عن اتهام المسلمين بأنهم وراء الحادث. وتلك الجيف النتنة الناطقة من أقباط المهجر تعتبر ذلك عدوانا من المسلمين على النصارى!.

المحذور السابع: وهو تأصيل نظري للحد السادس. وهذا التأصيل يحل لنا بعض المعضلات.. لأنه يفسر لنا كيف يكون الرجل أمامنا كبيرا ومحترما ثم يكذب كذبا لا يليق به. أما التفسير فهو قابع في علم النفس الجماعي والاجتماعي وفي سيكلوجية الجمهور. فالفرد يتصرف منفردا بطريقة مغايرة لتصرفه وسط الجمهور. ولقد عرف علماء النفس العقل الجمعي بأنه(الاستجابة غير العقلانية لما تردده الجماعة) فهو انقياد الفرد لما تردده الجماعة وانخراطه معها في افكارها حتى وان كانت تخريبية . و العقل الجمعي يتضمن ..

1- عدم المبالاة بالعواقب

2-عدم الإحساس بالمسئولية

3- ينجر إلى غريزته من دون أن تكون له قدرة الضبط لانفعالاته

يقول -غوستاف لوبون- في كتابه" سيكلوجية الجماهير-1895": (إن الفرد مختلف عن الجمهور، لكنه يتغير وينسى نفسه وقيمه الخاصة حينما ينخرط في الجمهور وينصهر فيهم)، (إنهم – أي الجمهور – مُنقادون بصورة غريبة إلى مثل هذا الفعل، ولو أخذنا أحدهم واستبعدناه من دائرة الحماس الجماهيري وسألناه عن تصرفه فسوف ينكره تماما ويقر بأنه عمل أرعن لا يقوم به العقلاء)، يرى لوبون أن هناك “روحا للجماهير” تتكون من الانفعالات البدائية التي تتكرس عبر العقائد الإيمانية، مما يجعلها بعيدة عن التفكير العقلاني والمنطقي، بحيث يبدو الشخص المنخرط في جمهور مستعدا لتنفيذ أعمال استثنائية يصعب أن يكون لديه الاستعداد للقيام بها لو كان في حالته الفردية والمتعقلة. يلخص لوبون نظريته حول الجمهور بجملة مسائل تتناوله بصفته ظاهرة اجتماعية، تفسر عملية التحريض التي يخضع لها بأنها عملية انحلال الأفراد في الجمهور والذوبان الكلي فيه. من هنا يمكن تفسير الدور الذي يلعبه القائد في تحريك الجماهير حيث يقوم بالدور إياه الذي يقوم به التنويم المغناطيسي، على غرار ما يقوم به الطبيب النفسي في علاجه لمريضه. أثبتت معاينة الحركات الجماهيرية وقائع عدة في مقدمها أن هذا الجمهور يمتلك وحدة ذهنية، ويتحرك بشكل لا واع.

***

وهنا أعود إلى ما بدأت به من أننا ظلمنا النصارى.. لقد تركناهم نهبا لقيادات غوغائية عميلة وخائنة تسلبهم أخلاقيات الأفراد وتدفعهم إلى سلوك الجمهور أو القطيع.

يرى لوبون أن للجماهير خصائص تميزها عن الأفراد، فإن مجرد تحول الأفراد جمهوراً يزودهم نوعاً من الروح الجماعية تجعلهم يحسون ويتحركون بطريقة مختلفة تماما عن الطريقة التي كان سيحس بها ويفكر كل فرد منهم لو كان معزولا”. في حالة الجمهور تتلاشى الشخصية الواعية للفرد وتصبح شخصيته اللاواعية في حالة من الهياج، ويخضع الجميع لقوة التحريض وتصيبهم عدوى انفلات العواطف، بحيث تلغى شخصية الفرد المستقل ويصبح عبارة عن إنسان آلي ابتعدت إرادته عن القدرة على قيادته.

***

إن دور أقباط المهجر-الذين يتحركون بمخطط دقيق لأوكار المخابرات التي درست لوبون وفرويد وأوجست كونت و دوركهايم وغيرهم - هو تحريض نصارى الداخل.. ويعرف المهجريون جيدا خصائص الجماهير، من سرعة انفعالها وخفتها، فالجمهور يقوده اللاوعي كليا تقريبا، فهو عبد للتحريضات التي يتلقاها، والجمهور كالإنسان الهمجي لا يعبأ بأي عقبة تقف بين رغبته وتحقيق هذه الرغبة. والجمهور سريع التأثر وساذج في الوقت نفسه وقابل لتصديق كل شيء، وهو “يشرد باستمرار على حدود اللاشعور ويتلقى بطيبة خاطر كل الاقتراحات والأوامر”، كما يمتلئ الجمهور بنوع من المشاعر الخاصة بكائنات لا تستطيع الاحتكام إلى العقل. ويصبحون –ذلك الجمهور- مجيشين بقوة عنيفة وعابرة، ولكن هائلة”.

***

يواصل لوبون كما لو كان يصف دور أقباط المهجر وردود أفعال النصارى فيقول: وتتميز الجماهير أيضا بالتعصب والاستبدادية والنزعة المحافظة، وهو أمر ناجم عن كونها لا تعرف سوى العواطف البسيطة والمتطرفة، مما يجعلها تقبل الأفكار والعقائد أو ترفضها دفعة واحدة. والجماهير غير مهيأة لاحترام النزعات الأخلاقية لكونها صاحبة نزوات وغرائز شديدة الهيجان.

أليس هذا ما حدث في دير أبو فانا حينما تبادل الرهبان إطلاق الرصاص مع الأعراب. وكان الطرفان لصوصا للأراضي.

المحذور الثامن: أننا ضد أي اعتداء على النصارى ليس لمجرد الحفاظ على الوحدة الوطنية بل لأن ديننا يأمرنا بذلك: وحين حاول السلطان سليم الأول أن يعرض على رعاياه المسيحيين اختيار أمرين لا ثالث لهما، إما اعتناق الإسلام وإما القتل، وقف له شيخ الإسلام وأصدر فتوى تمنعه من التعرض للمسيحيين وتعطيهم الحق في ممارسة شعائرهم بحرية كاملة، وأن تتكفل الدولة بالمحافظة على أرواحهم وممتلكاتهم، ما دام سلوكهم العام لا تشوبه شائبة. بل ووصل الأمر إلى تهديد السلطان بالعزل. ونفس الأمر حدث عندما فكر فيه الخديوي. فالإسلام إذن هو الذي يحمي النصارى.

المحذور التاسع: أن الكثيرين جدا في درجة مذهلة من "الاستهبال" يتصرفون كما لو كان محمد أنور السادات هو الذي أدخل الإسلام-والوهابية والحجاب والنقاب – إلى مصر. ويعودون إلى ذلك التاريخ كبداية للفتنة الطائفية. ويتجاهلون أن البابا شنودة جاء في نفس الوقت. جاء يحمل معه خطة قديمة للانقلاب على تراث الكنيسة المصرية وعلى مصر كأمة ووطن ودين. وأنه رأس مجلس الكنائس العالمي الذي يتفق الأقباط والعلمانيون على علاقته الوثيقة بالمخابرات الأمريكية (وربما كانت علاقة السادات وشنودة بالمخابرات الأمريكية هي التي قربت بينهما في البداية).

المحذور العاشر: أن النصارى في بلادنا يعتبرون أن تطبيق القانون عليهم ظلم لا يطاق واستفزاز لا يغتفر ويعتبرون أنفسهم فوق القانون.

يقول كرومر:"

"فالأقباط يرون أن تطبيق العدالة يعني الظلم لهم، ويعتقدون ولو بطريقة لا شعورية بأن الظلم وعدم محاباة الأقباط هي ألفاظ مترادفة ""

***

المحذور الحادي: يتعلق بادعاءات الحظر على بناء الكنائس. إن نسبة الكنائس إلى النصارى أعلى من نسبة المساجد للمسلمين، فحسب التقرير الاستراتيجي للأهرام لسنة 1999 ، فإن هناك كنيسة لكل سبعة عشر ألف قبطي ، بالمقابل هناك مسجد لكل ثمانية عشرألف مسلم.. ولاحظوا أن معدل بناء الكنائس تضاعف بعد ذلك وأن النسبة ازدادت اختلالا.

لم يكن الأمر أبدا يتعلق بحرية العبادة فلم يتدخل أحد ضد نصراني يصلي في بيته ولا حتى مجموعة من النصارى وإنما كان ضد تحويل المنازل إلى كنائس .. ليست بيوتا لله بل قلاع خيانة يجهر أقباط المهجر بهدفهم منها.. تغيير وجه مصر من الإسلام إلى النصرانية وطرد المسلمين منها. قلاع خيانة سوف يُطلق الرصاص منها على الآمنين للاستيلاء على الأرض تماما كما فعل الرجل الأبيض في أمريكا واستراليا وكما فعل اليهود في فلسطين بل وكما فعل رهبان دير أبو فانا في مصر.

إن هناك مليار دولار على الأقل تضخ في مصر كل عام لبناء الكنائس وتنصير المسلمين. فثمة تمويل لا سقف له للنصارى.. وثمة رغبة في أن يكسو الطابع النصراني وجه مصر.. حتى أنهم يدفعون لبعض المتنصرين خمسين ألف جنيه كمرتب شهري مع وعود بحل جميع المشاكل.. وقد كان أحد المتنصرين في الأسابيع الأخيرة سعوديا أغرقوه بالمال وبوعد العلاج في الخارج ..

وثمة أمر للنصارى بالتحرش بالمسلمين.. وثمة تعليمات بإشعال النار وكلما انطفأت أوقدوها.. وثمة تخطيط لكي يكون في كل قرية كنيسة وأمام كل مسجد كنيسة ليكون في كل قرية معركة وأمام كل مسجد معركة وعندما يصل الأمر إلى هذا المحذور فسوف يستنجدون بالأمم المتحدة والبند السابع وقوات المارينز.. وساعتها سيكون حضورها منطقيا تماما لوقف المذابح.. وستقسم القرى والشوارع طبقا لمواقع المساجد والكنائس.

إن المسألة تتحول بهذا الفهم إلى مسألة أمن قومي ولأن كنائس اليوم قلاع الغد ودشم سلاحه.. تماما كما فعل يعقوب اللعين بقصوره عندما نصب فيها المدافع لتقصف المسلمين في أحياء القاهرة.

***

المحذور الثاني عشر: إننا –كمسلمين- أول من يدعو إلى إصدار قانون العبادة الموحد فأعظم ما يطمح إليه المسلمون أن تتساوى المساجد مع الكنائس في كل شيء. نطالب بقانون من مادة واحدة فقط: هي التساوي المطلق في العدد والمساحة المخصصة لكل نسمة وكذلك في أوقات العمل وفي حصانة الداخل ضد الأمن بحيث تكون النتيجة: عدد الأمتار المربعة المتاحة لكل مسلم أو نصراني في الساعة. لكن القانون المطروح والمطلوب إصداره هو قانون مجرم أوعز به مجرم. إنه يتحدث عن عناصر تكلفة مادية عالية لاستخراج تصاريح البناء. وهي تكلفة سوف تعجز المسلمين لكن مليارات التنصير العالمية ستتدفق لكي تغرق البلاد في الكنائس. موجز القانون :إن كنت تملك المال فاصنع ما تشاء. إن قانون العبادة الموحد بصورته الحالية هو قانون إذعان وهو استمرار لمحاولات الإذلال التي يمارسها أقباط المهجر وامتداداتهم في الداخل لتتعامل مع الشعب المصري المسلم كما تتعامل إسرائيل مع الفلسطينيين و أمريكا مع العراقيين.. وهي محاولة إذلال لن يوقفها الاستسلام أبدا.. فبعد كل استسلام سيكون المطلوب استسلاما أكبر وبعد كل إذلال سيكون المطلوب ذلا أشد..

ولقد فهمت الآن سبب تردد الحكومة في إصداره.. إنه الخوف من رد فعل المسلمين.. إن الحكومة التي انحازت للنصارى في كل شيء وظلمت المسلمين في كل شيء لا تتورع أن تكمل انحيازها للنصارى بإصدار قانون دور العبادة الموحد لكنهم يخشون رد فعل المسلمين.

لقد سمع القراء عن القانون لكن هل قرأ أحد بنوده؟ إنهم يعتّمون عليه.. لأنهم يدركون أنه فاجر كفعل فاضح في شوارع الوطن.

***

المحذور الثالث عشر: مذهل في قدرتهم على ليّ أعناق الحقائق. لأن من يسمع طلب النصارى بالمساواة سوف يتخيل أنهم يطالبون بأن يظفروا بما يوازي نسبتهم العددية. لكن المتابع للأمر سوف يستغرق وقتا طويلا جدا كي يفهم.. وسيكذب نفسه أكثر من مرة متهما ذكاءه وإدراكه.. لكنه سيفهم الوضع في النهاية بلا لبس. فهم يقصدون بالمساواة أن يظفر الخمسة والنصف في المائة بما يحصل عليه الأربعة وتسعون ونصف في المائة. أنا واثق أن القارئ لم يستوعب بعد ما قرأه على الفور. ولذلك أعيده بطريقة أخرى. إنهم يريدون أن يظفر أربعة ملايين ونصف-على الأكثر- من النصارى بـ50% من كل شيء وأن يحظي الخمسة وسبعون ونصف مليون مسلم بالـ 50% الأخرى!.. 50% في كل شيء حتى في رئاسة الجمهورية!.

وليت الأمر يقتصر على ذلك أو ينتهي عنده. فقد تكرر الأمر بحذافيره أيام كرومر. عندما تجاوزوا نسبة الخمسين في المائة في بعض القطاعات ومنها وزارة الداخلية حيث بلغ تعداد النصارى في موظفيها أكثر من الثلثين.. لكنهم طلبوا المزيد فاعترض كرومر وحذرهم من العواقب فاحتجوا واتهموه باضطهادهم مطالبين ألا تكون النسبة هي المعيار بل الكفاءة حتى لو استولوا على الوظائف كلها.

***

سوف نفترض جدليا أن النسبة التي ذكرها البابا شنودة لعدد الأقباط في مصر وهي 12% من مجموع السكان نسبة صحيحة( وهي بالقطع غير صحيحة.. بل هي أكثر من ضعف الرقم الصحيح.) فلنفترض –للمجاملة وليس للمداهنة أن نسبتهم 12%.

إن هذه النسبة تمتلك ما بين 40% في التقديرات الحكومية(وعلي لسان وزيرة القوي العاملة المصرية عائشة عبد الهادي) إلى 60% في التقديرات الأهلية من ثروة مصر القومية ، كما أن ثلاثة من أقباط مصر علي لائحة أغني أغنياء العالم ، في حين خلت القائمة من أي مصري مسلم.

وبالنسبة للعمل فإن نسبة التوظف للنصارى أعلى بكثير لأن أصحاب الأعمال النصارى ينحازون تماما لأبناء عقيدتهم. خاصة وأنهم يسيطرون على نصف الاقتصاد

إن مركز ابن خلدون وهو مركز موال للأقباط ومدافع عنهم يؤكد هذه الأرقام ويذكر أن الأقباط يمتلكون 23% من الشركات التي تأسست في عهد الرئيس الراحل أنور السادات (عام 1974) وإلى عهد الرئيس مبارك عام 1995 ، ويمتلكون 20 % من شركات المقاولات في مصر و 50 % من المكاتب الاستشارية و 60 % من الصيدليات و45 % من العيادات الخاصة و35 % من عضوية الغرفة التجارية الأمريكية والألمانية و60 % من عضوية غرفة التجارة الفرنسية و20 % من رجال الأعمال المصريين و 20% من وظائف المديرين بقطاعات النشاط الاقتصادي المصري و شركات المحمول في مصر و25 % من المستثمرين في أكتوبر والعاشر من رمضان و18 % من الوظائف المالية المصرية و25 % من المهن ذات المكانة الاجتماعية كالأطباء والمهندسين والصيادلة !

ولنلاحظ أن المصادر التي تناولت ثروة الأقباط في مصر، كانت "فوربس" الأمريكية و""أرابيان بيزنس" ومركز ابن خلدون..

***

من حقي إذا بعد هذا الاستعراض أن أسأل بني قومنا النصارى الذين أوصانا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أي تمثيل نسبي و أي حقوق يطالبون بها؟..

إنهم يحصلون بالفعل على أكثر من حقوقهم بكثير في بحر من سماحة إسلامية بلا حدود..

أم أنهم يستقوون بالأجنبي ليحصلوا على باقي حقوق المسلمين..

و إلى أي مدى يبلغ هذا الاستقواء..

هل يبلغ إلى مدى الاستعمار الكامل لمصر..

ويجب أن نعترف أنهم حصلوا في عهود الاستعمار على مزايا تتجاوز عددهم بصورة فاجرة.. فهل يحن بعضهم إلى أيام الاستعمار؟..

دعونا نعود إلى الدكتور محمد مورو في كتابه الشهير:"يا أقباط مصر انتبهوا" حيث يستشهد بالسير ألدون جورست المعتمد البريطاني في تقريره المرفوع إلى حكومته بتاريخ 10 مايو 1911 والذي يلقى الضوء على محاولات بعض المتطرفين الأقباط إثارة الخواطر بدعوى أن الأقباط في مصر لا يتمتعون بنفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون المسلمون قال جورست:

إن المسلمين يؤلفون 92% من مجموع السكان ويمثل الأقباط أكثر قليلا من 6% (...) لهذا فإن فكرة معاملة قطاع من سكان البلاد كطائفة مستقلة في نظري يمثل سياسة خطأ سوف تكون في النهاية مخربة لمصالح الأقباط.. إن شكوى عدم تطبيق العدالة مثلا في التعيين في الوظائف الحكومية تنقصه الإحصاءات التي تبين أن الأقباط يشغلون نسبة من الوظائف العامة تزيد بكثير عن نسبة قوتهم العددية التي تسمح لهم بذلك (...) إن جملة العاملين بوزارات الحكومة بلغت 17596 منهم 9514من المسلمين أي بنسبة 54.69% و 8208 من الأقباط أي بنسبة 71ر45% بينما في بعض الوزارات ترتفع هذه النسبة أكثر بكثير.. فوزارة الداخلية وإداراتها المحلية تضم 6224 موظفا منهم37.7% من المسلمين والباقي من الأقباط(بنسبة الثلث من المسلمين والثلثين من المسيحيين.. وفي وزارة الداخلية بالذات!!)..

من هذا يتبين أن الأقباط يمثلون في الجهاز الحكومي من حيث العدد والمرتبات نسبة لا تتكافأ مطلقا مع نسبتهم العددية. .. إنني لا أقر مطلقا في ضوء مصالح الأقباط أنفسهم أن أشجع أي نظام من شأنه أن يحدث انشقاقا بين الطوائف المسلمة والقبطية لأنه ليس في صالح الطائفة القبطية .

أي تمثيل نسبي و أي حقوق إذن؟..

النسب السابقة لم نوردها نحن ولم ندعيها.. لقد سجلها المندوب السامي البريطاني ووجهها إلى حكومته في عام 1911 وهو مسيحي وليس مسلما!! .

وعلينا أن نلاحظ هنا أن الأقباط الذين كانوا وما يزالون يتمتعون بنسبة من الثروة والوظائف والمهن تفوق عشرة أضعاف نسبتهم العددية ، لم يقنعوا بهذا ، إنهم يريدون أكثر، لكن إلى أي حد؟!.. لم يقولوا حينها ولكن بعضهم يقولونها الآن: يريدون كل شيء!! إلى حد طرد المسلمين من مصر!! لأن المسلمين أتباع دين بدوي وافد!!.. وكأنما الأديان محلية، وكأن الإنجيل نُزّل على خوفو أو كأنما عبد الله المسيح عيسى ابن مريم قد أرسل إلى مصر، ولماذا هم مسيحيون إذن وقد أرسل عبد الله سيدنا عيسى في فلسطين؟! لماذا والمسيحية دين وافد أيضا.. لماذا إذا كانوا فراعنة لم يبقوا وثنيين يعبدون رع أو حتى ست؟! .. لماذا يمارسون طريقة الساقطات من النساء في الإسقاط والاستهانة برعي الغنم وبالبدو وهم يقصدون بذلك العرب والصحابة عليهم رضوان الله وسلامه؟.. ألم يرع كل الأنبياء الغنم حتى اعتبر رعي الغنم من خصائص وعلامات النبوة؟.. في كلمة واحدة لعبدة الشيطان : ألم يرع عبدا الله موسى وعيسى عليهما السلام الغنم؟؟.

يقول الدكتور محمد عمارة أن الأرقام- التي لا تكذب ولا تجامل- تعلن أن الأقلية القبطية- التي لا تتعدى الثلاثة ملايين- هي الحاكمة الفعلية في المجتمع المصري- الذي يزيد تعداده على الستين مليونا!!- فهم يملكون ويمثلون:

22.5% من الشركات التي تأسست بين عامي 1974 م و 1995 م !.

- و 20% من شركات المقاولات في مصر..

- و 50% من المكاتب الاستشارية..

- و 60% من الصيدليات..

- و 45% من العيادات الطبية الخاصة..

- و35% من عضوية غرفة التجارة الأمريكية.. وغرفة التجارة الألمانية..

- و 60% من عضوية غرفة الجارة الفرنسية (منتدى رجال الأعمال المصريين والفرنسيين.

- و 20% من رجال الأعمال المصريين..

- و 20% من وظائف المديرين بقطاعات النشاط الاقتصادي بمصر..

- وأكثر من 20% من المستثمرين في مدينتي السادات والعاشر من رمضان..

- و 9، 15% من وظائف وزارة المالية المصرية.

- و 25% من المهن الممتازة والمتميزة- الصيادلة والأطباء والمهندسين والمحامين.. والبيطريين..

أي أن 5.9% من سكان مصر- الأقباط- يملكون ما يتراوح بين 35% و40% من ثروة مصر وامتيازاتها؟!....

فأي تمثيل نسبي و أي حقوق؟..

***

والآن دعونا نلمس سريعا بعض ما قيل عن البابا شنودة باختصار شديد.

في تقرير لمجلس الشعب المصري أعدته لجنة فرعية مكونة من محمد رشوان وكيل المجلس وكل من حافظ بدوي، محمد محجوب، كمال هنري أبادير، كامل ليلة، ألبرت برسوم سلامة، مختار هاني، كمال الشاذلي، إبراهيم شكري، ألفت كامل، إبراهيم عوارة.

جاء فيه: "تأكد للجنة أن بعض المتطرفين من القيادات المسيحية وبعض المتعصبين من رجال الكنيسة قد حاولوا تضخيم بعض الأحداث الفردية، وتصويرها في صورة صراع ديني، وأنها اضطهاد للأقباط، بل ووصل الأمر إلى حد افتعال بعض الأحداث وإلصاق التهمة بالمسلمين بهدف إذكاء نار الفتنة، (...) فتحولت بعض الكنائس إلى منابر لنشر الشائعات الكاذبة وبثّ روح الفرقة بين المسلمين والمسيحيين. وتسجل اللجنة أسفها مما لديها من قرائن ودلائل على أن بعض القيادات الكنسية، ومنها رأس الكنيسة- شنودة - دأبوا على التشكيك، وأنهم تمادوا في مسلكهم وأوعزوا بطبع منشورات وتسجيلات عن الأحداث دونما تمحيص، وأوعزوا بنشرها في المجلات الصادرة بالداخل والخارج، وأن البابا شنودة يريد أن تقيم الكنيسة من نفسها دولة داخل الدولة".

والجميع يذكر أن شنودة نفسه هو الذي أصدرت هيئة مفوضي الدولة قرارها ضده وفيه:

"إن البابا خيَّب الآمال وتنكَّب عن الطريق المستقيم الذي تُمْلِيه عليه قوانين البلاد، واتخذ الدين ستارًا يخفي أطماعًا سياسية- كل أقباط مصر منها براء- وإنه يجاهر بتلك الأطماع واضعًا بديلاً له، بحرًا من الدماء تغرق فيها البلاد من أقصاها إلى أقصاها، باذلاً قصارى جهده في دفع عجلة الفتنة بأقصى سرعة وعلى غير هدى في أرجاء البلاد، غير عابئ بوطن يؤويه ودولة تحميه، وبذلك يكون قد خرج من ردائه الذي خلعه عليه أقباط مصر".

والجميع يعلم أن شنودة هو الذي أدخل الكنيسة القبطية إلى مجلس الكنائس العالمي وهو حظيرة أمريكية بامتياز يقول عنها هيكل في كتابه خريف الغضب: "إن مجلس الكنائس العالمي يعكس دون أدنى شك رغبة جهات أمريكية معينة في أن يقوم الدين بدور رئيس في الصراع، وإن التحقيقات التي جرت في الكونجرس أثبتت أن مجلس الكنائس العالمي كان من الجهات التي حصلت على مساعدات ضخمة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية".

ويقول عنه الكاتب القبطي المعروف الدكتور وليم سليمان قلادة في كتابه (الكنيسة المصرية تواجه الاستعمار والصهيونية): "إن دعوة مجلس الكنائس العالمي تتجه في صراحة تامة إلى ضرورة تدخل الكنائس داخل البلاد المستقلة حديثًا في سياسة بلادها، وابتداع لاهوتية جديدة لتبرير هذا الاتجاه تقول بأن نشاط الدولة في كل نواحيه السياسية والاقتصادية والاجتماعية هو تحت سلطان الله، ولا بد للكنائس من أن تُبدي رأيها في هذا النشاط، ولا بد من الاستعانة بخبرة الكنائس الغربية حتى يكون اتجاه الكنيسة داخل الدولة المستقلة حديثًا متفقًا مع اتجاه الكنائس المسيحية في الغرب".

ألم أقل لكم في بداية المقال أنه لا توجد فتنة طائفية بل يوجد مؤامرة تدنس بها أقباط المهجر ويحزننا تورط بعض رؤوس الكنيسة في الداخل فيها.

مؤامرة.. والنصارى هم الذين يتحرشون بالمسلمين.. وبالوطن.. وبالتاريخ..

***

ما يطلق عليه الفتنة الطائفية إذن لم تبدأ بالسادات بل بالبابا شنودة. ولو رجعنا إلى التاريخ نيفا وعشرين عاما سندرك أن الأمر كان مدروسا ومخططا.

أسألكم يا قراء وأنا أدين حكومة وأجهزة بلادي:

لو أن عشر هذه الاتهامات التي وجهت إلى البابا شنودة كانت قد وجهت إلى مسلم .. ماذا كانوا سيفعلون به؟ وهل كانوا سيقتصرون عليه؟ أم سينكلون بمائة ألف حوله؟.

أسألكم يا قراء وأنا أدين حكومة وأجهزة بلادي:

لو أن مسلمين في الخارج صنعوا 1% مما يفعله أقباط المهجر.. ماذا كانوا سيفعلون بهم؟ كم حكما بالإعدام كانوا سينالون..؟ كم سحبا للجنسية يكون؟ كم مطاردة وكم متابعة؟ وهل كان سيستقيل القادم منهم سياط الجلادين وكلاب تنهشه أو باقات الرياحين ورئيس وزراء يقابله..

ولا أريد أن أزيد الأحزان بالشهيدة وفاء قسطنطين ورفيقاتها..

رحم الله شهداءنا المسلمين..

رحم الله من قتلوا غدرا وغيلة ولم يدافع عنهم أحد..

رحم الله من أعدموا ظلما وعدوانا..

ولا تنسوا أبدا أن هؤلاء ضحوا بأنفسهم في سبيل دينهم وأمتهم ووطنهم.. وأولئك ليس عندهم مانع من تحطيم وطنهم وأمتهم في سبيل الشيطان.

***

هل تريدون نموذجا للمذابح الطائفية حقا؟

انظروا إلى مجزرة جوس عاصمة ولاية بلاتو في وسط نيجيريا.. لقد هاجم النصارى المسلمين الذين كانوا يبنون مسجدا هدمه النصارى قبل ذلك. كان عدد قتلى المسلمين في المجزرة يتراوح بين 350 و 400 مسلم وحوالي 20 طفل وتشريد أكثر من عشرة آلاف من السكان.

يقول الشيخ إبراهيم صالح الحسيني مفتي نيجريا ورئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أن تعداد السكان في نيجيريا يبلغ 200 مليون نسمة يشكل المسلمون 70 % من التعداد ورغم أن الغالبية من سكان نيجيريا مسلمون إلا أن هناك سيطرة مسيحية خصوصاً في المجالات السياسية والاقتصادية، حتى إن رئاسة الجمهورية حالياً (2005) يشغلها مسيحي وهو الرئيس أوليسجو أوباسانجو، وهو أول مسيحي يحكم نيجيريا منذ الاستقلال عن بريطانيا عام 1960، حيث قتل كل من أعاق توطيد العلاقات مع إسرائيل.. وقد واكب تولي الرئيس المسيحي للدولة المسلمة ضغوط دولية متعددة من أجل نقل السلطة إلى غير المسلمين ثم مورست ضد المسلمين أبشع مظاهر التهميش، وتم هضم حقوقهم السياسية المعروفة، وتم استبدال المسلمين الذين يشغلون مناصب مهمة في الجيش والشرطة والبحرية والسلك الدبلوماسي بمسيحيين ووثنيين. ولقد بلغ التمييز الطائفي أن بلدا يبلغ تعداد المسلمون فيه أكثر من 70% يكون الرئيس فيه مسيحيا و16 وزيرا فقط مسلمين من بين 42 وزيرا. في التعليم هناك يقتصر الاهتمام على مدارس التنصيريين، فجميع المدارس العربية في نيجيريا غير معتبرة لا شهاداتها ولا تعليمها من المراحل الابتدائية والإعدادية إلى الجامعية، فمن حمل شهادات هذه المدارس سواء من داخل نيجيريا أو من خارجها فلا يعتبر ولا يجد الوظيفة الحكومية. وليس للمسلمين صوت، لأن جميع مراكز الإعلام بأيدي المسيحيين، فلا يوجد في نيجيريا مطبعة للمسلمين ولا مركز إعلامي ولا مجلة تنطق باسمهم في حين يوجد مئات للمسيحيين، ويستخدمون هذه الإمكانات لنشر النصرانية وتشويه صورة الإسلام والمسلمين ولنشر أكاذيب وأباطيل عنهم. ويسيطر النصارى على جميع الشركات والمؤسسات المالية الحكومية ‏في جنوب نيجيريا، أما الشركات الغربية فهم الموظفون فيها وشرط حصول أي مسلم على وظيفة فيها هو أن يتنصر، وجميع البنوك ‏الحكومية وغير الحكومية يسيطر النصارى عليها تماما.‏ وهم المسيطرون على كل وسائل الإعلام وجميع الجرائد والمجلات . وقد سيطروا أيضا على جميع المناصب العليا في المؤسسات العسكرية الحكومية وعلى وزارة الدفاع ‏النيجيرية.‏ وقد استغل النصارى الظرف السائد فجمعوا الأسلحة واحتفظوا بها في الكنائس بعلم جهاز المخابرات النيجيري وفى علم الحكومة الفيدرالية.‏

هكذا يكون التمييز حقا وتكون الفتنة الطائفية حقا!

لكن الأخطر أن هذه هي المساواة التي يطالب بها أقباط المهجر.

نعم.. هذا هو نوع المساواة الذي يطالب به أقباط المهجر ويندفع الآن خلفهم –بسبب ضعف الدولة الرخوة- نصارى الداخل الذين بدءوا يتخلون عن ذواتهم ويتصرفون بسيكلوجية الجمهور.

***

ترى كم هي نسبة الأقباط في الأمية وفي سكنى المقابر وفي البطالة وفي المعتقلات وفي المقتولين من التعذيب؟؟.. وكم نسبتهم في الجامعات.. كم نسبتهم في أصحاب البلايين وكم نسبتهم في أصحاب الملايين..

كم نسبتهم..

كم نسبة سكان القبور وسكان القصور من المسلمين والنصارى؟.

***

ثم..هل من حق المسلمين أن يطالبوا حكوماتهم بمساواة المساجد بالكنائس، وجعلها قلاعا لا يعرف أحد ماذا يجري فيها، وبتمكين كل مسجد من إنشاء فرقته المسرحية و إصدار صحيفته!!.. بل قد يفكر البعض بأن العدل يقتضي باعتماد نسبة المسيحيين التي يقولونها هم بألسنتهم.. ليكون لهم في المعتقلات دون محاكمة ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف.. و أن يعدم منهم – بأحكام عسكرية – عشرون أو ثلاثون.. و أن ينكل بهم ويعذبوا كما ينكل بالمسلمين!!..أو بأن تفتح الكنائس قبل الصلاة بخمس دقائق وتغلق بعدها بخمس دقائق .. تحت رعاية مباحث أمن الشيطان.

أما عن تمثيلهم في المجالس النيابية فلماذا لا يعرضون أنفسهم على الناس؟.. لماذا لا يتقدمون للترشيح؟.. لماذا يقتصر جهدهم على لطم الخدود وشق الجيوب لأن الحزب الوطني لا يرشحهم على قوائمه، والحزب الوطني لا يرشحهم لأنهم ساقطو الأهلية، وسوف يفقد الحزب المقعد الذي يرشحهم عليه، كما أنهم يعلمون أن نواب الحزب ينجحون في الأغلب الأعم بالتزوير. لقد كان نواب الأقباط ينجحون بأصوات المسلمين عندما كانوا يدافعون عن الأمة والوطن والشرف والكرامة.. بل إنني أذكر أن نصرانيا في إحدى الدوائر فاز على شيخ الأزهر.. وفي بعض الدوائر التي فاز فيها نصارى لم يكن بالدائرة نصراني واحد! كانوا يدافعون عن بلادهم وأمتهم بل وعن المسيحية الأرثوذكسية أيضا.. لكن.. بعد أن انضموا إلى أمريكا و إسرائيل.. فكيف ينتخبهم الناس بعد أن خرجوا على إجماع الأمة وخانوها في لحظة حرجة من لحظات التاريخ لن تنسى لهم أبدا.... و أظن الوقت الذي سيبدءون دفع الثمن فيها قد اقترب إن لم يكن قد بدأ بالفعل....

نعم.. بعد هذا كله أصبح من الصعب جدا إن لم يكن من المستحيل أن يحصلوا على أصوات المسلمين.. بل ولا على أصوات المسيحيين الشرفاء أيضا.

***

أي تمثيل نسبي و أي حقوق؟..

والمسلمون يتمنون المساواة بالأقباط على كافة المستويات..

أما الأمل في أن تتساوى الأقليات الإسلامية في العالم بمثل ما تتمتع به الأقلية القبطية في مصر فيبدو مستحيلا..

***

من حقي أن أسأل بني وطننا من النصارى الذين أوصانا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أي تمثيل نسبي و أي حقوق؟..

أسأل البابا شنودة أي حقوق مهضومة لهم وأي مظالم مدعاة تقع عليهم..

وليذكر لي البابا أو أي واحد من الأقباط أقلية مدللة كما يدلل الأقباط في مصر..

بل هاتوا لي أقلية مسلمة تتمتع بمعشار ما يتمتع به الأقباط في مصر..

هل يتمتع المسلمون في الهند أو الصين أو حتى أوروبا و أمريكا بما يتمتع به الأقباط في مصر؟ ..

يبلغ عدد المسلمين في الهند مائة مليون ( 15% من السكان) يذبحون ويحرقون أو يغرقون أحياء وينكل بهم أيما تنكيل..

وفي الصين يبلغ عدد المسلمين 120 مليونا ( 11% من السكان) .ينالون حقهم الكامل من السحق والتذويب رغم أن نسبة عددهم تصل إلى ضعف نسبة عدد الأقباط في مصر..

وفي روسيا حوالي أربعين مليونا من المسلمين ( 20% من السكان) ينكل بهم منذ ثلاثة قرون على الأقل.. سحقوا وحرموا من ممارسة أي شعيرة من شعائر دينهم وكان القتل نصيب من يكتشفون أنه ما يزال مسلما.. نعم.. عانى المسلمون في روسيا من شتى صنوف التعذيب والاضطهاد ومنعوا من إقامة الصلاة والصيام والحج والزكاة حتى الكتب الدينية والمصاحف لم تسلم من الروس فمنعوا طباعتها، وتم إنشاء مدارس لتلقين أصول الإلحاد وخلق جيل إسلامي لا يعرف عن الدين شيئا وانتشرت الكتب والمجلات التي تشوه صورة الإسلام والمسلمين.

***

نعم.. كان عدد المسلمين داخل ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي أربعون مليونا، ويلاحظ أن عدد الولايات أو الأقاليم الستة عشرة منها ستة أقاليم يمثل المسلمون فيها أكثرية تبلغ في بعضها 95% وبالطبع تلاشت هذه الأكثرية وتحولت إلى أقلية; فألغيت المحاكم الشرعية في المناطق الإسلامية عام 1926م، ومنعت الأنشطة الإدارية الدينية واشتدت حملات الإرهاب الشرسة ضد المسلمين فاعتقل ابتداء من عام 1928م أكثر من مليون ونصف المليون من المسلمين، وفي عام 1929م أغلقوا وهدموا أكثر من عشرة آلاف مسجد، وأكثر من أربعة عشر ألف من المدارس الإسلامية. واتبعت الشيوعية أساليب ترجو من ورائها إذابة المسلمين وتمييع كيانهم، وكان لمحنة الأقليات المسلمة في الإتحاد السوفيتي أبعاداً ذات خطورة لا يتصورها عقل بشري وخاصة ونحن في القرن العشرين; حيث هيئة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، ولجنة حقوق الإنسان والقانون الدولي العام.

فهل فعل المسلمون في النصارى ذلك يا نيافة البابا شنودة؟!

***

في بلغاريا يتم إجبار المسلمين على تغيير أسمائهم..

دعنا من أسبانيا.. فلم يعد فيها أية أقلية مسلمة.. أبيد الجميع أو طردوا بعد أن سُرقوا ونكل بهم..

وفي كل من بورما و الفليبين يبلغ عدد المسلمين 6% وفي البرازيل 11% وفي الغابون 5% وفي جبل طارق 8% وفي رواندا 14% وفي رومانيا 20% وفي فرنسا 7% وفي الفليبين 14% وفي زامبيا 15% وفي زيمبابوي 15%وفي الولايات المتحدة الأمريكية 3,5% (حوالي عشرة ملايين) وفي ليسوتو 10% وفي فيجي 11% وفي بنما 4% وفي غويانا 15% وفي يوغسلافيا ( صربيا) 19% وفي سيريلانكا 9% وفي منغوليا 5.6% وفي بتسوانا 5% وفي السويد 3.6% وفي سويسرا 4.5% وفي ناميبيا 5% وفي نيبال 4% وفي النمسا 5% وفي النيجر وفي ترينداد وتوباغو 12% وفي جورجيا 11% وفي أنجولا 25% وفي أندونيسيا 88% وفي أوزبكستان 88% وفي أوغندا 36% وفي إيران 99% وفي باكستان 97% وفي البحرين 100% وفي الإمارات 96% وفي أثيوبيا 65% وفي إريتريا 80% وفي أفغانستان 99% وفي جمهورية أفريقيا الوسطى 55%وفي ألبانيا 80% وفي الإمارات 96% وفي بروناي 67% وفي بريطانيا 5,1% وفي بلجيكا 4% وفي بلغاريا 35% وفي بنجلاديش 83% وفي بينين 20% وفي وفي بوركينوفاسو 50%وفي بوروندي 20% وفي البوسنة والهرسك 43% وفي تركمانستان 87% وفي تركيا 99,8% وفي تشاد 65% وفي تنزانيا 65% وفي توغو 55% وفي تونس 98% وفي الجزائر 99% وجزر القمر 98% وفي جيبوتي 94% وفي ساحل العاج 60% وفي السعودية 100% وفي سنغافورة 25% وفي السنغال 95% وفي سوازيلاند 10% وفي السودان 85% وفي سوريا 90% وفي سورينام 25% وفي سيراليون 65% وفي الصحراء الغربية 100% وفي الصومال 100% وفي طاجكستان 85% وفي عمان 100% وفي العراق 97% وفي غامبيا 90% وفي غانا 30% وفي غينيا 95% وفي غينيا الاستوائية 25% وفي غينيا بيساو 70% وفي فلسطين المحتلة قبل 67: 12% وفي غزة والضفة 85% وفي قازاقستان 51% وفي قبرص 33% وفي قرقزستان 76% وفي قطر 100% وفي الكونغو 15% وفي الكويت 89% وفي الكاميرون 55% وفي كينيا 29.5% وفي لبنان 70% وفي ليبيريا 30% وفي ليبيا 100% وفي مالطا 14% وفي المالديف 100% وفي مالي 90% وفي ماليزيا 52% وفي المجر 6% وفي مدغشقر 20% وفي مصر 94% وفي المغرب 99% وفي مقدونيا 40% وفي ملاوي 35% وفي موريتانيا 100% وفي موريشيوس20% وفي موزمبيق 29% 91% وفي نيجيريا 75% وفي اليمن 99%. ( بتلخيص شديد وتصرف عن: جمعان بن عبد الله الغامدي)..

أسأل البابا شنودة و أي قبطي مصري هل يتمتع المسلمون في أي من هذه البلاد بما يتمتع به الأقباط في مصر مع أن النسبة في كثير منها أضعاف نسبة النصارى في مصر..

بل لقد بلغ الأمر أن هناك بلادا كالحبشة يصل تعداد المسلمين فيها إلى 65% من تعداد السكان محرومون من حقوقهم السياسية حرماناً كاملاً، لا وزير لهم في الحكم، ولا رجل في منصب حيوي. ولا يدرس لأبنائهم الإسلام في مدارس الدولة التي يشرف عليها النصارى، ولا يتاح لهم أن يفتحوا مدارس لتعليم أبنائهم القرآن والدين.

وفي فرنسا، قلب الحضارة الغربية، تقوم دعوة متزايدة تنادي بطرد المسلمين من فرنسا، وارتكب أصحاب تلك الدعوة أعمالا وحشية، فألقت بخمسة من المسلمين من قطار " المترو " أحياء، أثناء سير القطار، فقتلوا على التو. وتهاجم مظاهراتهم المسلمين - والنساء المحجبات خاصة - في طرقات باريس، مدينة النور، وإحدى كبريات عواصم " العالم الحر "! هذا والمسلمون في فرنسا هم الأغلبية الثانية بعد النصارى، ويبلغ عددهم خمسة أو ستة ملايين.

ليعطنا البابا شنودة المثل الذي يريدنا أن نحتذيه..

ليختر أي أقلية في هذا العالم المترامي الأطراف ويقول لنا: عاملونا مثل هؤلاء!!..

***

أسأل البابا شنودة ألا يخشى من النار التي يشعلها رعاياه في الداخل والخارج؟!..

أسأله ألا يخشى أن ينفد صبر المسلمين الذي يبدو فعلا بل حدود..

أسأله ألا يخشى أن رد الفعل لا يكون دائما من علماء يلتزمون بقواعد الشرع، بل ربما يأتي من عامة الناس غضبا لدينهم واحتجاجا على تحريض مجرم من أقباط المهجر استقبله أفراد كانوا عاقلين جدا لكنهم أصبحوا جمهورا فانطبق عليهم ما قاله "لوبون"..

هل يتصور البابا ماذا يمكن أن يحدث لو أن الجمهور المسلم استجاب للاستفزاز وتصرف كجمهور وليس كأفراد؟

هل يتصور مدى المذبحة..

***

من أجل ذلك كله وبعده كله أقول أننا مسئولون عن عدم عقاب أقباط المهجر كمجرمين بالخيانة العظمى كي نوقف تأثيرهم الضار على نصارى الداخل.. وأن يشعر نصارى الداخل أنهم ليسوا فوق القانون..

إن الدولة التي تركت المجرمين وقطاع الطرق يرتعون ويمرحون في الدخيلة ونجع حمادي وغيرها من الأوكار قد أساءت إلى هؤلاء المجرمين وأوردتهم موارد التهلكة( والكموني واحد من هؤلاء ربما لو رُدِعَ لارتدع)

إني أتهم الدولة بالإساءة البالغة إلى النصارى.. وبظلمهم .. لكنها ليست بالإساءة التي يتوهمونها.. وإنما على العكس تماما تماما.. كالأب الذي يترك ابنه ويفسده بتدليله ونفاقه وعدم عقابه حتى تتكاثر جرائمه وتقوده إلى حبل المشنقة..

***

نعم أكرر اعترافي بأننا ظلمنا النصارى..

ظلمنا النصارى حين راحت أجهزة الدولة تحابيهم على حساب المسلمين وتحجب الحقائق عن الأمة لأن إعلانها سيفجر الوضع المأساوي للمسلمين وقدر الاضطهاد الذي يتعرضون له مقارنة بالنصارى..

ظلمنا النصارى حين راحت أجهزة الدولة تحابي العلمانيين على المسلمين والكفار على المؤمنين والمرتدين على القابضين على الجمر وغير المتدينين على المتدينين مما أعطى الجميع انطباعا خاطئا أن الأغلبية هي الفئة الخارجة على الإجماع.

ظلمنا النصارى حين تكفلت أجهزة الدولة بحماية رواد الحانات وتهديد رواد المساجد.. بمحاباة السكارى ووضع المعتكفين على قوائم الاشتباه..

ظلمنا النصارى حين أصبحت كلمة نصراني تعني نوعا من الحصانة كحصانة مجلس الشعب.. فبمجرد أن يعلن النصراني عن دينه لا تمتهن كرامته ولا يقبض عليه للاشتباه ولا ينكل به في أقسام الشرطة ولا يضرب على قفاه بل ويحاذرون حسابه على أخطائه وجرائمه خوفا من تدخل الكنيسة واستفحال الأمر.

ظلمنا النصارى حين حسمت أجهزة الدولة اختيارها فحالفت أعداءها ضد أمتها وتاريخها ودينها.. بل إنها تبدو كما لو أنها تبنت دون أن تعلن رأي بعض الأقباط في استثناء المسلمين من حقوق المواطنة .. وفي وجوب تجريدهم من الجنسية وطردهم إلى الحجاز!

ظلمنا النصارى حين تركت الدولة بعض النصارى يرتكبون الجرائم فلا تجرؤ الدولة على مواجهتهم وفي الوقت نفسه تنسب تلك الجرائم أو مثلها للمسلمين وتعاقبهم عليها.. كالتنظيم الدولي والتمويل الدولي والميليشيات المسلحة وتخزين السلاح.

ظلمنا النصارى حين قامت الدولة بتجنيد آلتها الإعلامية الجبارة للدفاع عن النصارى مهما بلغت جرائم بعضهم وتشويه المسلمين مهما كانت براءتهم.

ظلمنا النصارى حين قام جهاز الأمن الباطش الجبار ليحاصر المسلمين وليضيق عليهم وليحاربهم وليجامل النصارى ويغمض عينه عنهم ويترك لهم الحبل على غاربه حتى أصبح أقل من 6% هم عدد النصارى يملكون أكثر من 40-60% من ثروة البلاد.. وتذكروا أن مطلبهم في مقعد رئيس الجمهورية ليس لاستفزاز الغالبية المسلمة ولا وفاء لحقوق الإنسان وإنما لأنهم يرون أنهم هم أصحاب البلاد وأن المسلمين "غزاة" آن أوان تحرير البلاد منهم.

ظلمنا النصارى حين راح الطاغوت يدمر روح الأمة. ويقضي على مقاييس الحق والعدل والخير والجمال، ويدمر مكارم الأخلاق، وينشر بين قومه أبشع ما في البشر من جرائم وأخس ما فيهم من صفات.

إن الطاغوت يقف دائما ضد الأغلبية ويستعمل الأقليات كي يضرب بها الأغلبية لأنه يتوجس دائما أن تهديد استمرار حكمه بل وتوريثه يأتي من ناحيتها.. كما أن بعض الأقليات كي تعوض ضعفها كثيرا ما تتحالف مع الأجنبي ومع أعداء البلاد..وباستقواء الحاكم بهم فإنه يستقوي بحلفائهم: أعداء أمته ووطنه ودينه.. وبهذا قام الطاغوت بإلاستقواء بالنصارى مقابل مكاسب قريبة وخراب بعيد

لقد رأت الدولة أن الإسلام هو الخطر الأكبر الكفيل بمقاومة ظلمها وطغيانها وإزاحتها من على عرش الطغيان والجماجم والظلم والجرائم فجعلت منه عدوها الرئيسي ومن أعدائه حلفاءها.. نعم.. الدولة المسلمة تحالفت مع اليهود والنصارى والعلمانيين-وهم ألعن- ضد الإسلام والمسلمين.

***

إني اتهم الدولة بأنها عندما يرتكب النصارى الجرائم تتهم بها المسلمين. ألم يوجهوا اتهام الإفك إلى ما سموه الميليشيات المسلحة للإخوان. وكانت الميليشيات عند النصارى.. وكان التمويل الدولي للنصارى وللتنصير حديث العالم واعترافات النصارى أنفسهم لكن الدولة الخائرة العاجزة الخائفة وجهت الاتهام إلى الإخوان المسلمين وصادرت حر مالهم ودمرت شركاتهم وأغمضت عيونها عن التمويل الحقيقي. وكان كل ذلك يصب لمصلحة النصارى وضد مصلحة المسلمين. وكان ساويرس يدعم الجنوب المسيحي في السودان للانفصال حيث سيكون عدوا لمصر وكان خيرت الشاطر يدعم أهلنا في غزة فانظروا كيف ومن عاقبت الدولة ومن كرمت.

***

شر البلية ما يضحك..

فإليكم شر البلية: تقول النكتة (ولنؤكد أن زمنها ليس الآن) أن كبير القبط جلس مع السلطان ليعتذر له عن تطرف بعض النصارى ومطالبتهم بجواز أن يكون السلطان نصرانيا.. وقال:

- لقد قلت لهم يا سيدي السلطان أن هذه البلد بأغلبيتها المسلمة لا يمكن أن يحكمها نصراني..

- لكنه فوجئ بالسلطان يقول له:

- ولا مسلم أيضا.. لا يمكن أن يحكمها مسلم.ٍ

***

هل قلت لكم أنها نكتة؟!..

آسف..

ليست نكتة!!

د محمد عباس

***

حاشية

معرض الكتاب

في معرض الكتاب كان بعض الرفاق غاضبين. كان الحضور النصراني في المعرض صارخا وزاعقا وسوقيا ومبتذلا.. كان الواضح فيه أن هناك أمرا أعلى ليس لمجرد الدعوة بالتنصير وإنما بالتحرش. باصطناع المعارك وادعاء الاضطهاد. وكان ذلك يصل في بعض الأحيان إلى حد البذاءة. كتلك المرأة التي تدعى التحرش بها كي تنشب معركة يتمكن فيها شريكها النشال(اقرأها:أقباط المهجر) من سرقة الضحايا. كان رخص المعروضات مذهلا. إذ يمكنك ملء مكتبة بعشرة جنيهات! أو شراء أربعة كتب بجنيه. ضحكت.. فهذا الرخص في الأسعار لا يمكن أن يغري إلا الأميين الذين لا يستعملون الورق للقراءة. ملاحظة قصيرة لباعة الشاطر والمشطور والطازج بينهما تكشف تلك الحقيقة. لست أدرى إلى أي حد وصل ارتفاع أسعار الورق لكنني أقرأ الإجابة في وجه خادمتنا ومدى سعادتها عندما أفرج عن الصحف القديمة والكتب التافهة. أما شرائط الفيديو فكانت فضيحة. خاصة ظهور العذراء. فاض الضحك إلى ما يقرب من الصخب بعد خروجنا من صالة العرض عندما ألقيت لهم بطرف الخيط فسألتهم :ماذا كان يمكن أن يحدث لو أننا قلنا أن طيف السيد البدوي قد ظهر فوق قبته. ماذا كانوا سيفعلون بنا؟ ماذا كانوا سيقولون عنا؟ ويذيعون؟ إلى أي مدى كان سيصل نباح العلمانيين وعواء الليبراليين. بل ماذا كانت ستفعل بنا مباحث أمن الدولة؟.. بل.. وبل: ماذا كان النصارى سيقولون عنا. لقد خيل إلىّ أننا رجعنا إلى الوراء أكثر من خمسة آلاف عام عندما اندثر الدين وتشوه التوحيد في حقب متطاولة تفشت فيها الخرافات وانتشرت الأساطير وغاب العقل وساد الظلام بعد آدم وقبل نوح عليهما السلام.

كوني ملتحيا فقد جوبهت بنظرات الاستنكار والريبة أثناء مروري في الصالة. والحقيقة أنني لم أكن غاضبا.. بل كنت أغالب ضحكي. وكنت أرتل:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) الأنفال

قلت للرفاق: الناس هنا أربعة: نصراني لا يتأثر بالتنصير لأنه نصراني أصلا.. ومسلم سيقابل التنصير بالسخرية.. وشاك جاد وهذا لا يلزمه أن يعرف كثيرا عن الإسلام.. لكنه بمجرد أن يطلع على القليل المعروض من النصرانية الحالية سيختار الإسلام على الفور. فالفرق بين هذا وذاك كالفرق بين "سفينة شراعية""و"سفينة فضاء".

يبقى الصنف الرابع من الصعاليك والمتشردين والباحثين عن المال بأي ثمن والهاربين من أحكام جنائية وهؤلاء هم الذين يمكن أن يتنصروا اليوم وأن يتهودوا غدا ويتمجسوا بعد غد. وهؤلاء لا يجب أن يحرص عليهم أحد. فليهنئوا بهم!.

لم يكن الأمر سيختلف ولا الدهشة ستزيد لو قابلني في صالة أخرى من صالات المعرض من يدعوني إلى عبادة البقرة.. أو زوجها: العجل أبيس!.

الحقيقة أنني لم أكن مزدريا بل كنت مشفقا على القائمين بحملة التنصير بكل همة.. لكنني وأعترف كنت شامتا ومحتقرا لقياداتهم التي أصدرت لهم الأمر بالتحرش. فرد الفعل عكسي تماما.

ثمة جملة لا أنساها أبدا.. حوار جاء في مسرحية القصة المزدوجة للدكتور بالمي تأليف الكاتب الأسباني: أنطونيو بابيخيو (مثلت في مصر على المسرح باسم:دماء على ملابس السهرة).. جملة تقول:

- كثيرا ما يكون الجلاد شهيدا قد استطاع التغلب على الصعوبات ليعيش.. بينما يكون الشهيد جلادا لم يمت في الوقت المناسب..

أتذكر هذه الجملة كلما تذكرت ثلاثة كان طول أعمارهم وبالا عليهم(ليفهم القارئ المجاز الذي لا يجرح العقيدة) .. فقد كشف طول أعمارهم خبيئتهم وفضح طويتهم..ولو ماتوا قبل ذلك كان أفضل لذكراهم.. أما الثلاثة فهم: محمد حسنين هيكل.. والبابا شنودة.. ولا داعي لذكر الثالث كي لا تغلق هذه النافذة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق