الوسط - عرض : أحمد سعد
يتابع د حنين عبد المسيح الشماس السابق سلسلة ابحاثه عن البدع الارثوذكسية ويستهل الابحاث بحديثه عن بدعة الرهبنة فحنين عبد المسيح الذي نشرنا له عرضا لكتابه السابق عن عبادة الاصنام في الكنيسة الارثوذكسية ...يتناول في كتابه الجديد عن الرهبنة ونشأتها ومبادئها الهدامة والكيفية التي اضرت الكنيسة بها وايضا علاقتها بالكبت والشذوذ ...واخيرا تناقضها مع تعاليم المسيح
وبالرغم مما تمثله الرهبنة من قدسية داخل الكنيسة ومن مكانة تصل الي حد التقديس إلا أن حنين يصر علي أن الرهبان مثل أعمي يقود أعمي .
وتحت عنوان ( هل الكنيسة الأرثوذكسية مقدسة وفوق حق النقد ؟؟) نجد أن حنين يجيب عن هذا السؤال قائلا إن كلمة مقدس في المفهوم المسيحي وبحسب مفهوم الكتاب المقدس تعني أن الشئ المقدس هو المكرس او المخصص لله وعلي سبيل المثال كان رئيس الكهنة في العهد القديم يضع علي جبهته عبارة قدس للرب وهذا يعني ان الرجل مكرس و مخصص للرب ونحن عندما نقول أن هذه الكنيسة مقدسة فهذا يعني انها مخصصة للرب ولعبادته وخدمته ...وعلي هذا فهل الكنيسة الأرثوذكسيه مقدسه فمن هذا المفهوم ومن خلال الواقع العملي لممارسات وطقوس وعقيدة الكنيسه الأرثوذكسيه نجد بكل وضوح أنها غير مكرسة او مخصصة للرب فقط ولعبادته وحده بل مباحه ومتاحه لآخرين معه فالممارسات التي يجب ان تكون مخصصة ومقدسة للرب تمارس وتقدم علي الأقل لخمسة آخرين معه وفي عقر داره (بيته وكنيسته )تماما مثل الزوجة التي تمارس الجنس مع خمسة آخرين إلي جوار زوجها من أقاربه وأحبائه وفي عقر داره ويؤكد حنين أن هذا التشبيه ليس من عنده بل من مواضع عديدة في الكتاب المقدس في العهدين مثل أسفار حزقيال وهوشع ورسالة افسس ورؤيا يوحنا وهذه الممارسات هي تقديم البخور والسجود والصلاه والصوم والصدقة وجميع هذه الممارسات لا تخص الكنيسة الأرثوذكسية بها الرب بل تشرك معه فيها الصليب والقديسين والصور والإكليروس والخبز والخمر ويضيف حنين أن الكنيسة الأرثوذكسية لا تقوم بتقديس البخور للرب فهي في طقوسها الخاصة تبخر بواسطة كهنتها أمام الصليب خاصة في عيديه وأمام القديسين وصورهم في طقس رفع بخور عشية وباكر وأثناء قراءات القداس وأمام البابا والأساقفة في حالة حضورهم وأمام الخبز والخمر الموضوعان علي مذبحها أثناء القداس وإذا رجعنا الي الكتاب المقدس نجد أن الذي وضع طقس أو شريعة البخور هو المسيح ولذلك يكون كهنة الكنيسه الأرثوذكسية محرومون من قبل الرب وهذا حكمه فكل رجال الإكليروس في الكنيسة الأرثوذكسية والذين يبخرون لغير الرب وفي كنيسه مقطوعون من شعبه ) محرومون من قبل الرب )
ويتسائل حنين بعد تلك المقدمة هل بعد ذلك نستطيع ان نطلق علي كنيسة مثل هذه أنها كنيسة مقدسة ؟؟ أم كنيسة مستباحة ومستبيحة ؟؟
وينفي حنين أن تكون الكنيسة الأرثوذكسية أرثوذكسية حقاً فكلمة أرثوذكسية تعني الطريق المستقيم والمطلع علي تاريخ وعقائد وطقوس وتعاليم الكنيسة الأرثوذكسية يجد أنها من أكثر الكنائس التي حادت عن الطريق المستقيم وعن تعاليم المسيح والمسيحية المدونة في الكتاب المقدس الذي هو دستور المسيحين بمختلف طوائفهم ....فقد ابتدعت الكنيسة الأرثوذكسية لنفسها الكثير من البدع واستحدثت تعاليم لم تكن موجودة في العصور الأولي للمسيحية وتراكمت هذه البدع والتعاليم الغريبة في الكنيسة الأرثوذكسية واحتمت تحت جناح التراث بعد أن دخلت من باب تقليد الآباء وأبت أن تخرج من باب الإصلاح والمراجعة علي كلمة الله لأن هذا الباب قد تم إغلاقه بأحكام منذ زمن بعيد بواسطة رجال الإكليروس الذين يشهرون سيف الحرمان في وجه كل مصلح أو منذر ويرفضون الإعتراف بأي خطأ أو إنحراف عن الحق في كبرياء وعجرفة مدعين الكمال والإستقامة
وعن نشأة الرهبنة ومبادئها الهدامة وأضرارها بالكنيسة يقول حنين ....إن بدعة الرهبنة ظهرت في الكنيسة الأرثوذكسية المصرية علي يد أنطونيوس الذي ولد سنة 251م في بلدة كوما (قمن العروس )وتخلي أنطونيوس عن أخته الوحيدة التي تصغره بعد وفاة والديه فتركها في بيت للعذاري وترهب خارج المدينة بالقرب من النيل ...وهناك ذات يوم شاهد امرأة تغتسل فعاتبها لأنها تتكشف أمامه والقت هي بدورها عليه اللوم لأنه كان ينظر اليها ...وقالت له إذا أردت أن تتعبد فادخل إلي عمق الصحراء واعتزل الناس فسمع لمشورتها الشيطانية وعبر النيل إلي الصحراء الشرقية وهو ابن 35 سنة وتوقف عند قلعة قديمة وسكن فيها في منطقة بسبير في بني سويف وعاش هناك وحدة قاسية وتقشف شديد علي الخبز الجاف وبعض المأكولات البسيطة وأتي إليه الكثير من المريدين إلي هذا المكان وخرج إليهم بعد إلحاح منهم عام 305 م. وهذا هو تاريخ بداية الرهبنه...ويشير حنين في كتابه إلي أن للرهبنة مبادئ أساسية أولها الهروب من العالم وااعتزال الناس ...ويري حنين أن هذا المبدأ رهباني سقيم يخالف تعاليم يسوع ...فيسوع لم يدعوا أتباعه لاعتزال الناس والهروب من العالم ...بل أن يندمجوا فيه ليصلحوه كما يصلح الملح الطعام وكانت وصية المسيح الأخيرة لأتباعه لا تذهبوا من العالم بل إلي العالم ..والمبدء الثاني للرهبنة هو الهروب من الزواج وتبعاته ويري حنين أن هذا المبدء منافي أيضا لتعاليم المسيحية ...لأن الله ذاته هو الذي وضع شريعة الزواج للإنسان وباركه وأعطاه القدره علي التناسل عن طريق العلاقه الزوجيه ...ويتحدث حنين عن المبدء الثالث للرهبنة وهو قهر الجسد وإزلاله بأنه مبدء الفقر الإختياري والتقشف والنسك وقهر الجسد والإمتناع عن الكثير من الأطعمة والمتع المشروعه التي خلق الله الإنسان عليها ...لذلك فالكتاب المقدس يدين تعاليم الرهبنة بشدة ويعتبرها تعاليم شياطين
ولذلك يعتبر حنين أن الرهبنة أضرت بالكنيسة لأنها أولا بدعة كانت وبالا علي الكنيسة الأرثوذكسية عامة وعلي المصريه خاصة ....حيث قدمت للشعب طريقا مغلوطا للقداسة غير الذي وضعه المسيح وكتابه المقدس ...فالقداسه الحقيقيه أن تحفظ نفسك عفيفا وتقيا وتكون قدوة حسنة في وسط العالم والناس وليس بالهروب بعيداً عنهم وليست في معاداة الجسد وقهره بل بالتصالح معه وضبط شهواته مع الحفاظ علي سلامته والعناية به وليست بالهروب من الزواج والمرأة بل في التعامل معها ببساطة وبراءة وطهارة كأخت أو أم أو إبنة ...ويضيف حنين إن الرهبنة قدمت للكنيسة قيادات (آساقفة وبطاركة )غير صالحة للقيادة والرعاية بل أصبح إختيار هذه القيادات مقصورا علي الرهبان الذين لا خبرة لهم في الأبوة والرعاية وكانت النتيجة الطبيعية الفشل الزريع في قيادة الشعب ورعايته رعاية أبوية حانية ...فليس إعتباطا أن يشدد الكتاب المقدس علي أن يكون الأسقف من بين المتزوجين والذين لهم أولاد قد ربوهم تربيه حسنة لكي يكونوا مؤهلين لرعاية الشعب
ويتناول حنين في الباب الثاني من كتابه العلاقة بين الرهبنة والكبت والشذوذ والنظرة المنحطة للمرأة
فالإرتباط الوثيق بين الرهبنة والكبت والشذوذ الجنسي والنظرة المنحطة للمرأة الذي يظهر في تعاليم وأقوال آباء ومعلمي الرهبنة الأوائل ومن خلفوهم يؤكد بشكل قاطع أن الرهبنة بدعة مستحدثة لم تكن تعرفها المسيحية في الثلاث قرون الأولي ولا علاقة لها بالمسيح وتعاليمه بل هي بدعة أرثوذكسية خالصة
فليس ببعيد الفضائح الجنسية للراهب برسوم المحروقي التي نشرتها النبأ عام 2001...فتلك الإنحرافات الجنسية نتيجة طبيعية للزني الروحي (العباده لغير الله ) وهو الذي يمارس بغزارة في الأديرة وحول مزارات وأجساد وصور من يعتقد أنهم قديسون ...ويؤكد حنين أن ما حدث من برسوم المحروقي أو كوكي كما تم تسميته هو نتيجة طبيعية لعبادة المخلوق دون الخالق
ويشير حنين إلي أن هناك الكثير من الأمثلة لتعاليم الرهبان المتطرفة والسير المنحرفة لهم والتي تعكس التخوف الشديد من الإنحدار للشذوذ الجنسي كظاهرة منتشرة بين الرهبان وتظهر العلاقة الوثيقة بين الرهبنة والكبت الجنسي...فحنين الذي استهل حديثه في تلك النقطة بالتحدث عن تعاليم الأنبا أنطونيوس مؤسس بدعة الرهبنة (251-365) لتلاميذه قائلاً : (لا تتحدث مع صبي ولا طفل ولا تعاشره بالجملة ولا تجعله راهباً ولا تقبل إليك شابا صغيرا قبل لباس الإسكيم لئلا يصبح العدو (الشيطان)ولا ترقد علي حصيرة واحدة مع الأصغر سناً ولا تأكل مع امرأة ولا تصادق صبيا بالجملة ولا ترقدا اثنين علي حصيرة واحدة إلا إذا كان ذلك بسبب الضرورة الملحة وحينئذ يكون الذي معك أبوك أو أخوك وتفعل ذلك بخوف شديد وإذا نمت فلا تدخل يدك إلي داخلك لئلا تخطئ بغير هواك ...ولا تمسك يد قريبك ولا خده صغيرا كان او كبيرا وإذا تعريت من ثيابك فلا تنظر إلي جسدك ...لا ينبغي علي الراهب أن يذهب إلي مكان به نساء ولا أن تكون له دالة معهم إذا كن لسن من اللواتي عندهن تقوي الله ...لأن التطلع لهن لا يجعل للإنسان راحة حينما يجلس في قلايته .
وأيضا من تعاليم الأنبا مكاريوس ثاني آباء ومعلمي الرهبنة بعد أنطونيوس ...اهربوا من كلام النساء المؤدي إلي الهلاك ...ولا يكون بينكم وبين صبي دالة ...لأن الصبي إذا رأيته طالعا إلي السماء فهو سريع السقوط
ويستدل حنين بعد ذلك بتعاليم تلاميذ أنطونيوس ومكاريوس الذين خلفوهم في قيادة الرهبنة ففي سيرة أبا مون الأسقف(336-430) يقول بخصوص أحد الرهبان الآخرين حدث أنني لما أتيت في شهيت أني كنت شابا صغيرا فلما رأني ابا ...رفض أن يسمح لي بالسكني في الدير قائلا في أيامي لن أسمح للشباب أصحاب الوجوه التي تشبه وجوه النساء أن تسكن في شهيت بسبب الحروب التي يلقيها العدو الشيطان علي القديسين الرهبات
وجاء في سيرة أنبا شيشوي (320-430) أن تلميذه إبرام توسل إليه مرة أن يسكنا بالقرب من الريف بسبب تقدم سنه جدا فرد عليه أرني مكانا لا توجد فيه إمرأة إلا هذه الصحراء
وايضا جاء في سيرة يؤنس القصير (339-409) أنه إعتاد أن يقول من يتكلم مع امرأة فقد زنا معها بفكره
وما جاء في سيرة أبا إسحاق قس القلالي (350-440) من أنه كان يعزو خراب الأديرة الأربع إلي وجود رهبان صغار منحلين وكان يقول لا تحضروا هنا شبانا صغار فقد خربت الأديرة بسبب هذا الامر
وما نقل أيضا عن أنبا قاريون من أقوال تؤكد مدي الشذوذ والكبت لدي الرهبان فقد قال : " إن االراهب الذي يعيش مع صبي يسقط إن لم يكن ثابتا بل وحتي إن كان ثابتا ولم يسقط فهو يظل بدون نمو .... " ، وأيضا جاء عن ذلك الراهب أنه ترك زوجته ليترهبن وترك العالم وله إبنان فحدثت مجاعة وأتت إليه زوجته وهي مفتقرة من كل شيء وأحضرت معها إبنيهما وكان أحدهما ولد والأخري بنت وإنتظرت علي بعد مسافة من زوجها وهذه كانت العاده عندما تأتي امرأة لتتكلم مع راهب يجب أن تبقي بعيدا عنه أثناء حديثهما ...إنك صرت راهباً وتوجد الآن مجاعة ، فمن هو الذي سيطعم إبنيك ؟ فقال لها الأب قاريون : أرسليهما لي فقالت المرأة لهما أذهبا إلي أبيكما ولما أقتربا من والدهما عادت الفتاة مسرعة إلي أمها ومكث الصبي مع والده وقال لها خذي البنت وأنصرفي وأنا سأعتني بالولد ...وهكذا تربي الولد مع أباه في الدير وعلم الجميع منه أنه إبنه ولما كبر الصبي تذمر الرهبان بخصوصه لأنه كان جميلا ...ولما سمع الأب ذلك قال لإبنه قم يا زكريا لنذهب من هنا لأن الرهبان متذمرين بخصوصك
وأيضا ما قاله أنبا بيمن (370-460) بين مدي شذوذ الرهبان فهو قال إن كان أحدا من الرهبان يسكن مع صبي فلا يقدر أن يحفظ أفكاره ...لأن للصبية صفتين منظر جميل مثل النساء يحرك الشهوة وحدة المزاج والطبع الذي يحرك الغضب فالإخوة الرهبان المنحلون يكون لهم سبب عثرة والشيوخ يكون لهم سبب حرب
ويتحدث بعد ذلك حنين عن عظة الأب أورسيزوس الذي تولي قيادة رهبنة الشركه بعد مؤسسها أنبا باخوميوس (290-346) قائلاً في عظته السابعه قال سأتكلم عن عظمة الرهبنة التي أحط من قدرها أيتها الرهبنة إنهضي وأبكي علي زاتك أنهضي وأبكي علي زيك الذي سيمزقه الذين في منزلة الخنازير والبغال ...أيتها الرهبنة انهضي وابكي علي ابنائك الصغار الين نجسوا بتوليتهم معلي شبانك الذين فقدوا مثلهم انهضي وابكي علي عظمائك الذين كانوا مرة عظماء وممجدين في زيك ولكن هاهم علي وشك أن يموتوا موتا مرعبا بسبب جمال الأطفال الصغار الذين أغووهم انهضي وابكي علي الذين يأتون إلينا لئلا يقعوا في الشرك مع الذين صاروا عثرة لهم...أيها الإنسان ابعد عن الذين هم أصغر منك فإن كل إنحراف عن الحق وكل خطية وكل قلة حياء وكل عمي إنما هي من نصيب ذاك الذي يبحث عمن هو أصغر منه ...أناشدك يا أخي أمام الله أن تبعد عن الصداقة الشريرة ...فأنت تراقب حتي تجد اللحظة المناسبة ثم تعطيه ما هو مخبأ في هدب ثوبك الداخلي ...حتي يسكب الله أيضا هو ومسيحه غضبهما وسخطهما عليك وعليه ...حقاً أيها الغبي إن لم يوجد خزي في صداقتك ....فلماذا أنت خجل وخائف أن تتكلم علانية ...يا لها من صداقة شريرة ...أقصد الذي يحب من هو أصغر منه
ويستمر حنين في كشف صور الشذوذ لدي الرهبان إلي أن يقول إن التعاليم المتطرفة التي تؤدي حتماً إلي الكبت الجنسي وهذه الصور المنحطة للمرأة وهذه السير الرهبانية المنحرفة أين هي من تعاليم المسيح ...ونظرته الكريمة للمرأة وسيرته الطاهرة النقية هو وأتباعه وتلاميذه ورسله الذين كان غالبيتهم من المتزوجين الأطهار الذين ساروا علي الطريق السوي والمبدء الإلهي بالزواج ...فالمشكلة ليست في المرأة ولا في الصبيان بل في العين الشريرة والقلوب الرهبانية المريضة والتعاليم والوصايا المتطرفة
وفي الباب الثالث يتحدث حنين عن التناقض بين الفكر الرهباني والفكر المسيحي ...فالفكر الرهباني السقيم يتناقض كلية مع تعاليم المسيح ليس في إتجاه المرأة وإنما في إتجاه العالم والناس والجسد والغرائز والزواج والجنس ....
فنظرة الرهبان تتناقض مع النظرة المسيحية تجاه العالم فالمسيحيه تدعوا الي محبة العالم حسب مفهومها بينما تدعوا إلي بغضه والبعد عنه بمفهوم الرهبان ...وعن بدعة الرهبنة الأرثوذكسية فهي تخلط بين المفهومين وتدعوا لبغض العالم والهروب منه والتنصل من مسئولية خدمته بصفة عامة والمسيحية تدعوا إلي محبة القريب كالنفس وتدعوا أيضا إلي محبة الأعداء أحبوا أعدائكم وتدعوا المسيحية أيضا إلي خدمة جميع فئات المجتمع المحتاجين للخدمه بمختلف أنواعها
أما الفكر الرهباني الأرثوذكسي السقيم فيدعوا إلي بغض العالم كله بما فيه من البشر حتي أقرب الأقرباء ويدعوا إلي التنصل من المسئولية تجاههم وقد قدم العديدون من مؤسسي وقادة الرهبنة أمثال أنطونيوس ومكاريوس وغيرهم قدوه سيئة في هذا المجال ودعوا أتباعهم إلي إقتفاء آثار خطواتهم المريضة والمضللة.
ويورد حنين مثالاً للتنصل من المسئولية لدي أحد الرهبان قائلاً: سئل أنطونيوس أحد تلاميذه عن أهله قائلاً: أخبرني يا عزيزي هل أنت تحزن لأحزانهم وبلاياهم وتشاركهم أفراحهم في مسراتهم ؟؟ فاعترف بأنه يفعل ذلك ، فقال له ...ينبغي أن تعلم أنك ستدان في اليوم الأخير بنفس الدينونة مع الذين أنت ميال إلي مشاركتهم في مكسبهم أو خسارتهم وفي فرحهم أو حزنهم.
ويتحدث بعد ذلك حنين عن نظرة الرهبان تجاه الجسد وغرائزه مشيراً إلي أن هناك مفهومان للجسد في الكتاب المقدس فالفهم الخاطئ لآيات الكتاب المقدس من قبل الرهبان التي تتحدث عن الجسد وخلطهم بين الآيات التي تتحدث عن الجسد بمعني اللحم والدم والآيات التي تتحدث عن الجسد بمعني الشهوات والنزوات أدي إلي إنحراف الفكر ومنهجه المسيحي في التعامل مع الجسد
فالكتاب المقدس يتحدث عن مفهومين مختلفين للجسد الأول بمعني الجسد المادي الذي خلقه الله والثاني بمعني شهوات الجسد ونزواته التي يؤدي الإنغماس فيها إلي سقوط الإنسان وإبتعاده عن الله ...وبينما يوصي الكتاب المقدس بالعناية بالجسد المادي وإستخدامه لمجد الله وخير الإنسان يوصي أيضا بمحاربة بل وإماتة الجسد المعنوي أو الشهوات والنزوات في حالة جموحها وطغيانها علي الروح وأيضا يوصي الكتاب بضبط شهوات الجسد وليس بقهره أو إذلاله أو تعذيبه وحرمانه تلك الأفعال التي لا قيمة لها ولا فائدة منها للإنسان ، فالجسد الذي يدعوا الكتاب المقدس إلي محاربته بل وإماتة أعضائه ليس هو الجسد بل شهوات الجسد
ويؤكد حنين أن نظرة الرهبنة المتطرفة للجسد تؤكدها تعاليمهم وسيرهم ...فالأنبا أنطونيوس إعتاد شرب الماء العكر وأوصي بتعجيز الجسد وإضعافه وإيلامه ...وإعتاد الأنبا مكاريوس الكبير شرب الماء النتن ومنع تلميذه الذي يتحرق من شدة العطش من الشرب وما فعله أبا أمونيوس الطويل من قطعه لأذنه وإحراقه لأطرافه بالحديد المحمي بالنار....وأيضا تعري الأنبا مقار السكندري لمدة ستة اشهر حتي يتعرض جسده للدغ الناموس حتي يتورم بالكامل ...وأكل الأب إسحاق قس القلالي لرماد المبخرة مع الخبز ورفضه للأكل الطبيعي في مرضه ....والأب أبا بينور الذي ظل يشرب المياه المرة ويأكل الخبز الجاف لمدة ثلاثون عاما والأنبا أرسانيوس الذي وضع الحوض المعطن النتن في قلايته ليشتم رائحته العفنة ويهمل جسده حتي يمرض ...وأيضاً الأب هيلاريون الغزاوي الذي كان يدعوا جسده الحمار ويتوعده بالجوع والعطش والإرهاق
ويعلق حنين بعد كل تلك الامثلة التي أوردها بصورة من التعجب قائلاً :هل بعد كل تلك الأمثلة والكثير غيرها من تعاليم آباء الرهبنة المهووسون وتصرفاتهم المجنونة والشاذة والتي لا تمت للمسيح ولا للمسيحية بصلة لا تزال الكنيسه الأرثوذكسية تزعم بأن رهبنتها ليست بدعة وتضعها أمام شعبها كنهج للقداسة والوصول إلي الله ؟؟
وتضع آباء الرهبنة المرضي نفسياً والمجانين كأمثلة الشعب الأرثوذكسي وتعتبرهم قديسين ...وتختار قيادتها من بين الرهبان غير المتزوجين وغير المربيين وبلا أي خبرة في الأبوة والرعاية في مخالفة صريحة لتعليم الكتاب
وعن نظرة الرهبان تجاه الجواز والجنس يؤكد حنين أن تعاليم آباء الرهبنة ومعلميها عن البتولية وتفضيلها عن الزواج علي أساس الإبتعاد عن الجنس يظهر بصورة جلية إنحراف الفكر الرهباني عن الفكر المسيحي وتعاليم المسيح والكتاب المقدس بخصوص الزواج والجنس ....فالفكر الرهباني يعتبر الجنس وبالتالي الزواج المرتبط به هو تدني إلي مستوي الحيوان ويعتبر البتوليه تسامي إلي مستوي الملائكة لإبتعادها عن الجنس ومحاربتها للغريزة الجنسية والميول العاطفية الطبيعية التي وضعها الله في الإنسان لخيره وسعادته ونجاحه ....بينما يعتبر الكتاب المقدس النسل وبالتالي العلاقة الجنسية التي ينتج عنها بركة من الله
ويشير حنين إلي أن الزواج له إمتياز عن البتولية فالزواج في فكر الكتاب المقدس هو تسامي ليس إلي مستوي الملائكة فقط بل إلي مستوي أعلي وهو ما يعطي الزواج إمتياز عن البتولية كما أن وضع الإنسان وحيداً دون زواج ليس جيدا في نظر الله ...ولذلك فلا أفضلية لغير المتزوجين خاصة الرهبان في نظر الله ...
وأخيرا في باب يحمل إسم الرهبنة وتأليه الذات ....يتحدث حنين عن عقيدته وهي عقيدة الخلاص ببعديه الزمني والأبدي ويورد الكثير من الأمثلة التي تدلل علي حجته...ثم يتناول بعد ذلك المفهوم الرهباني السقيم للخلاص وتأليه الذات قائلاً أما الفكر الرهباني السقيم والمضلل فيعول علي الجهد الذاتي للإنسان وقهره بل وتعذيبه لجسده أملاً في نوال الخلاص من الخطية وسلطانها في هذا الزمان وعقوبتها في الأبدية ولكن سير الرهبان في العصور المختلفة تشهد بالفشل الذريع في الإنتصار علي الخطية أو ضمان الحياة الأبدية فالكثير منهم إنحدر إلي أقصي درجات النجاسة والسقوط علي الرغم من بذل أقصي جهد للبعد عن كل مصادر الإغراء وقمع الجسد والتعب الشديد في فروض العبادة لأنهم أرادوا أن ينتصروا ويخلصوا بذراعهم البشري إلي جانب ذراع الله وأحياناً بدونه في كبرياء وعجرفة ومحاولة للوصول إلي مستوي الملائكة بل وأعلي في تأليه الذات ...وذلك بدلاً من الكفر بالذات وقدراتها والإعتراف بالقصور وضيق ذات اليد وقبول عطية الله مجاناً دون محاولة دفع الثمن من المجهود الشخصي الفاشل والمفلس
فالرهبان باشروا طريقا مغلوطاً للخلاص خلف أنطونيوس الذي ضل وأضلهم فعاشوا حياة قاسية في البادية مملؤة بالشقاء والبؤس والجوع أملاً في الخلاص ومتكلين علي ذراعهم البشري فسكنوا الحرة في البرية فلم يروا الخير
فالرجل الذي يتكل علي الله طالباً منه نعمة النصرة علي الخطية والتبرير المجاني سلا والحياة الأبدية
وفي الخاتمة نجد أن حنين يقول خارجاً الكلاب فمن هم الكلاب ....فحنين يقصد من هؤلاء الكلاب الذين سيكون نصيبهم في العذاب الأبدي خارج المدينة السماوية ...فئة من الناس غير الفئات المذكورة أي غير السحرة والزناة فالكتاب المقدس يقول (خارجاً الكلاب والسحرة والزناة وعبدة الأوثان وكل من يحب ويصنع كذبا ) فمن هم الكلاب إذاً فالوحي الإلهي لدي حنين يجيب عمن هم الكلاب وهم الرعاة غير الصالحين كما شبههم الكتاب المقدس علي لسان أشعياء بكلاب حراسة غير صالحة عمياء.
فالكلاب الذين تحدث عنهم الوحي والكتاب المقدس هم المعلمون الكذبة المبتدعون والرعاة الطالحين وهم موجودون في الكنيسة في كل عصر إبتداء من عصر الرسل وهو يقصد بالكلاب الرهبان والقساوسة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق