الاثنين، 1 مارس 2010

ساويرس يتحالف مع الفيس بوك لحرمان المصريين من «الحرية» علي الإنترنت

جريدة الفجر
تاريخ نشر الخبر : 22/02/2010

محمود عبد القادر

بالنسبة للمصريين، أصبح الدخول علي موقع الفيس بوك كل صباح، عادة يومية، لم يعد بإمكان كثير منهم التخلص منها، لكن أصبح كل منهم مهددا الآن، بأن يستيقظ في أحد الأيام، ليكتشفوا أن حياتهم الإلكترونية مهددة، فحساباتهم الشخصية علي الموقع قد يتم محوها بتأشيرة من شركة "لينك دوت نت"، المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس، فقد اعترف بليك تشاندلي، نائب رئيس شركة الفيس بوك للشرق الأوسط، والرجل المهم في إدارة الموقع العملاق، في كلمته التي ألقاها في المؤتمر الصحفي الذي عقد في القاهرة، بمناسبة توقيع اتفاقية الشراكة بين فيس بوك وشركة كونكت آدز، إحدي شركات "لينك دوت نت"، بأن إدارة الفيس بوك تسعي إلي حظر نشر المواد الإباحية، مؤكدا أن الموقع يقوم عبر وسطائه في مصر والدول الأخري، بالتنسيق مع الجهات الأمنية، لعرض ملفات الشخصيات السياسية والمعارضة، ورصد المواد التي قد تمثل إساءة للأديان، وهي اعترافات تكشف الخطر القادم الذي يهدد مستخدمي الفيس بوك في مصر، والذين بدأوا بالفعل في المعاناة من تحالف ساويرس مع الفيس بوك، حيث فقد الآلاف منهم حساباتهم الشخصية علي الموقع الاجتماعي الأشهر في العالم، وهو ما أصاب آلاف المصريين بصدمة كبيرة.
لقد اكتشف المصريون أن الحرية "المفترضة" التي تمتعوا بها عبر الموقع الذي يحتل المرتبة الثانية عالميا، في نسبة الاستخدام علي الشبكة العنكبوتية، والذي يخدم أكثر من 350 مليون مشترك من جميع أنحاء العالم، سوف تستمر لهم، ليجدوا فيها متنفسا عن الفراغ السياسي في البلاد، الذي خلقه تهميش الأحزاب والقوي السياسية، علي مدار سنوات طويلة، لكن جاء تحالف ساويرس مع الفيس بوك، ليجهض أحلامهم في أن تستمر نعمة "الحرية الإلكترونية" التي يعيشون فيها، بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.

يحظي الفيس بوك في مصر، بنفس الترتيب بالنسبة للاستخدام المحلي في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد بلغ عدد زائري الموقع في مصر، إلي 2.4 مليون زائر يوميا، كما يجذب 9.7 مليون زائر في المنطقة العربية، لكن تغيير سياسة الحريات التي بدأت إدارته في اتباعها، قد تشكل عامل طرد بالنسبة للمصريين والعرب، فتصريحات تشاندلي الصادمة لمستخدمي الموقع في مصر والمنطقة، تؤكد أن الفترة المقبلة هي مرحلة جني أرباح الانتشار السريع للموقع، عن طريق جذب إعلانات للموقع من المناطق المستهدفة، وعلي رأسها مصر والدول العربية، وبالطبع تعرف إدارة الموقع أن الحصول علي هذه الأرباح، له ثمن يجب دفعه فورا، وهو تخفيض سقف الحرية، وفرض المزيد من القيود علي المستخدمين، وهو ما تم الاتفاق عليه بالفعل مؤخرا، في اتفاقية الشراكة بين فيس بوك وشركة كونكت آدز.

وتتناقض الاتفاقية الأخيرة الموقعة بين الفيس بوك وشركة ساويرس، مع مفهوم الفيس بوك كموقع تقوم فكرته، علي مشاركة المستخدم في بناء الموقع بصورة شبه كاملة، حيث يوفر الموقع الأدوات للمستخدمين، ليحرروا محتوي الموقع بكل حرية، ويعبروا فيه عن شخصياتهم وأحلامهم، وفي نفس الوقت يوفر الموقع للمبرمجين، الادوات لكي يضيفيوا إليه المزيد من التطبيقات، وقد يحددون بأنفسهم سياسات الموقع.

وكان مفهوم حرية المستخدمين والمبرمجين في التعامل مع الموقع، قد أكد عليه تشاندلي في مؤتمر بأوروبا، قبل أسابيع قليلة من حضوره إلي القاهرة، كما أنه نفس المفهوم الذي تحدث عنه تشاندلي لاحقا، في حوار مع قناة "نايل تي"، في أعقاب المؤتمر الصحفي، لكنه تناول بوضوح أكثر، الجانب السياسي للموقع، قائلا إن "الفيس بوك يؤثر سياسيا ليس في مصر فقط، وإنما في كل دول العالم، حتي الولايات المتحدة نفسها"، مضيفا أنه يعتقد أن السياسيين في جميع أنحاء العالم، يشعرون بالاضطراب تجاه الموقع، ويحتاجون المزيد من الوقت، ليستطيعوا فهمه كإحدي أدوات العمل السياسي.

ويوحي اختلاف الخطاب الذي اعتمده تشاندلي، في المؤتمر الصحفي، والذي بدا فيه أكثر حدة، وبين الخطاب الأكثر دبلوماسية له في قناة "النايل تي في"، بأنه كان يقوم بنقل رسالة واضحة، بأن إدارة الفيس بوك، تنوي تجنب المشاكل مع الحكومات العربية، وخاصة الحكومة المصرية، التي شكل الموقع صداعا مزمنا لها، قبل أن يتم التوصل إلي الاتفاق الرسمي بين الشركة الأم و"كونكت آدز"، التي ستتولي العمل كممثل رسمي للموقع في 16 دولة من دول المنطقة، وهو ما يعني أن إدارة الفيس بوك تفهمت أن للمنطقة العربية ظروفها الخاصة، والتي تجعل أدوات الإعلان التي يوفرها الفيس بوك لعملائه بشكل مباشر، أو بدون وسيط في كل أنحاء العالم، غير مجدية مع نوعية العملاء المستهدفين.

وظل الشريك المصري الجديد "كونكت آدز"، يعمل بشكل غير رسمي مع الموقع في الشرق الأوسط، طوال السنوات الثماني الماضية، وهو ما منحه قدرة علي التعامل مع العملاء العرب وتفهم ظروفهم، بشكل أكبر من الإدارة الأجنبية، وهو ما يرجح أن تكون "كونكت آدز" نفسها، هي صاحبة الاقتراح بإعلان هذه الرسالة الضمنية، والتي جاءت في مؤتمر صحفي محدود، عقب توقيع عقد الشراكة مباشرة، وهو العقد الذي يسهل عمل الوكيل الجديد داخل دول المنطقة.

ورغم توقيع اتفاق الشراكة مع شركة ساويرس، إلا أن تشاندلي لم يعلن أن الفيس بوك سيتوقف عن تقديم خدماته المباشرة لعملائه في المنطقة، مما يعني أن هؤلاء العملاء باستطاعتهم نشر إعلاناتهم مباشرة علي الفيس بوك دون وسيط، كواحدة من الخدمات التي يقدمها الموقع، بشرط امتلاك وسيلة للدفع عن طريق الانترنت، وهو ما يثير التساؤلات حول طبيعة العلاقة بين شركتي كونكت آدز والفيس بوك، فالعقد لا يمنح الأولي حق احتكار إعلانات الموقع في الشرق الأوسط، وهو ما يقلل من أرباح الشركة المصرية، والغريب أنه لم يتم الإعلان عن أي تفاصيل بشأن التعاقد، سوي أن كونكت آدز ستصبح الوكيل الحصري للإعلان علي الفيس بوك، وهو ما يعني أنها ستستطيع تقديمه كأحد حلول الإعلان الالكتروني لعملائها.

في الأشهر الأولي لانتشار الفيس بوك في مصر،، تمكن الناشطون الشباب من الاستفادة منه إلي أكبر حد، في نشر دعوتهم لإضراب 6 أبريل، الذي شكل أول وأكبر تحد إلكتروني للحكومة وأجهزة الأمن في مصر، فقد فوجئ الأمن بقدر ما فوجئ النشطاء أنفسهم، بقوة الأداة الوليدة، التي حولت مجموعة شباب إلي أبطال في بضعة أيام، وهو ما أثار جدلا واسعا حول استخدام أدوات الفيس بوك، ولذلك بدأت الحركات السياسية والجهات الأمنية علي حد سواء، في محاولات مضنية لدراسة الوسيط الإعلامي الجديد، والذي يهدد بقلب الأوضاع في لحظات، خاصة مع تكرار التجربة في بلدان أخري، أشهرها سقوط الحزب الديمقراطي الحر في اليابان، نتيجة حملات الدعاية المضادة التي شنها مناهضوه عبر الموقع، والدور القوي الذي لعبه موقع آخر من مواقع الشبكة، هو موقع تويتر، في انتخابات الولايات المتحدة الأمريكية الأخيرة، فقد تمكن المسئولون عن حملة باراك أوباما، في الوصول بصوتهم إلي الناخب عبر الموقع، وهو ما تكرر في المظاهرات الدامية التي شهدتها إيران في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وهو ما دفع الإدارة الأمريكية تطلب من إدارة الموقع وقتها، عدم إغلاقه لحين انتهاء الأحداث، وكان من المقرر وقف الخدمة عدة ساعات للتحديث.

ولا تأتي الأزمات الإلكترونية للمصريين فرادي، فقد جاء قرار المحكمة الإدارية في نهاية العام الماضي، بحجب المواقع الإباحية، ليفرض قيودا جديدة علي حرية الانترنت في مصر، فخطورة الأمر، أن الأدوات التي يمكن استخدامها لحجب هذه المواقع، يمكنها في حالة تشريعها وتحصينها، حجب مواقع سياسية أكثر أهمية، وبالإضافة إلي هذا الخطر، كان الحديث قد تواصل علي صفحات الانترنت، طوال العام الماضي، حول ما أطلق عليه شباب "الفيس بوك" لقب "قانون الفقي لتكميم الإعلام والانترنت"، في إشارة إلي وثيقة البث المسموع والمرئي، التي كانت تستهدف فرض المزيد من القيود علي الانترنت، وهي الوثيقة التي فشل وزراء الإعلام العرب في تمريرها، بعد ما أثارته من جدل واسع في المنطقة، خاصة في أوساط المدونين، الذين كانت الوثيقة تهددهم بالوقوع تحت طائلته، ورغم عدم إقرار الوثيقة، إلا أنها مازالت تهدد "حرية الانترن
ت"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق