د. حلمي محمد القاعود | 12-01-2011 00:30 أظهر حادث تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية ليلة رأس السنة ، أن التمرد الطائفي أثمر ثمرة مرة شديدة المرارة تمثلت في انقسام الوطن إلى وطنين ، والشعب إلى شعبين ، وأن هناك مجموعات من كلاب الحراسة تحرس هذه الثمرة المريرة شديدة المرارة ، وأنها تعمل بكفاءة عالية ، وتتحرك بهمة ملحوظة في الإعلام الطائفي والرسمي والتجاري ، وتتحرك من خلال مؤسسات عديدة تضامنا مع قادة التمرد وكسبا لودهم وجلبا لأموالهم الحرام ، ولو كان المقابل إهانة غير مسبوقة ، وسوء أدب بغيض ، بموافقة ضمنية من قيادات التمرد .. والأغرب أن بعضهم ذهب إلى مرحلة من الهوان والمذلة غير مسبوقة حيث دعا إلى ما يسمى ترشيد الغضب الطائفي !.. بمعني : سُبُّوا والعنوا واضربوا ولا تبقوا على صغير أو كبير في الدولة ، ولكن بشيء من التمهل والتأني ، يعني " بشويش " !!
لقد جاءت الثمرة المرة شديدة المرارة لتؤكد نجاح جماعة الأمة القبطية الإرهابية على مدى أربعين عاما في تقسيم الوطن ، وشيطنة الإسلام ، وإلغاء هوية الأمة ، وحرمان المسلمين من تعلم دينهم في المدارس ـ بل في الأزهر الشريف ، وجعل كل من يجهر بإسلامه إرهابيا يجب استئصاله وقتله معنويا أو بسيف الطوارئ !
حين غضبت مصر بسبب الحادث الإجرامي في الإسكندرية ؛ لم تغضب من أجل قادة التمرد الطائفي ، ولكنها غضبت من أجل أمنها وكرامتها وحرمة دماء أبنائها أيا كانت ديانتهم أو مذهبهم أو جنسيتهم ، وثارت لأن أمنها تم اختراقه ، ولأن هدوءها تم تعكيره ، ولكن كلاب الحراسة انتهزت الفرصة ، وراحت تقيم المناحات في كثير من القنوات والصحف والمؤسسات ، وبعد ذلك تقدمت نحو الأخطر وهو الهجوم على الإسلام واتهامه بأنه وراء ما جرى من تفجيرات ، وذلك قبل أن تنتهي التحقيقات ، وقبل أن نعلم من الذي ارتكب الجريمة البشعة ، وأخذت النائحات المأجورات والإعلاميون المعدّدات ، يطالبون بإلغاء الإسلام في التعليم والإعلام والثقافة والحياة ، لدرجة أن بعض كلاب الحراسة ممن يحملون أسماء إسلامية ؛ طالب بإلغاء ما سماه " مناهج التعليم الملوثة " ، ولا أدري ما هي المناهج الملوثة يا مأجورون ؟ أي مناهج تقصدون يا خدام الاستبداد والهوان والعار ؟
بالطبع هم يقصدون ما تبقي من المناهج الإسلامية الصورية التي لا تضاف إلى المجموع ولا تدرس عمليا للطلاب ، ولكن جذوة الحقد الأسود في قلوبهم ونفوسهم تأبي إلا أن تشطب ما تبقى من بعض الآيات والأحاديث .. فهل هذه هي المناهج الملوثة يا عصابة الأشرار ؟
لقد كتب بعض المرتزقة يعدّد ثلاثة عشر نقطة لينتهي ما يسمى بالفتنة الطائفية من بينها ختان الذكور والنقاب والحجاب وحصة التربية الدينية فضلا عن شطب المادة الثانية من الدستور، وذهب بعض كتّاب الختان والعادة السرية إلى أن الطالب المسيحي يعاني " الذلّ " – يا حرام !- حين يخرج من الفصل ليدرّس له مدرسه المسيحي حصة التربية الدينية ! وكأن قرنا ونصف قرن من الزمان يخرج فيه التلاميذ غير المسلمين إلى مدرسيهم من أبناء ملتهم ليدرّسوا لهم دينهم يمثل ذلا مستديما .. ونسيت كلاب الحراسة أن هناك مدارس طائفية فيها كنائس وتدرس لأبناء المسلمين دينا غير دينهم وثقافة غير ثقافتهم .. ما هذا التفكير المأجور ، والذكاء المستورد ؟
ولا أدري ما ذا سيكون موقف كلاب الحراسة لو ظهر أن الفاعل ينتسب إلى خونة المهجر بتوجيه من الموساد ومساعدته إلى الجريمة البشعة ليتحقق للأشرار التدخل في شئون مصر وتوريطها في متاعب لا قبل لها بها ، وهو أمر ترجحه سياقات عديدة ؟
ما رأي كلاب الحراسة فيما يلقنه القساوسة والكهنة لعموم النصارى على مدى أربعين عاما من بغض للمسلمين ، والنظر إليهم بعين المحتل الذي يرى مستعمره البدوي الصحراوي الجلف ؟
قالت امرأة نصرانية في تحقيق تلفزيوني : " إن ما كانتش الحكومة تأخد حقنا ، حنخلوا أمريكا تاخد لنا حقنا ! " .
هذا القول البسيط يكشف عمق الجريمة التي يرتكبها قادة التمرد مذ تولى رئيس الكنيسة الحالي قبل أربعين عاما في شق الوطن إلى قسمين ، والشعب إلى شعبين ، فهل يجرؤ كلاب الحراسة على تناول هذا الأمر ، أم إن مهمتهم تتلخص في شطب الإسلام من الوجود ؟
إن المرتزقة الذين لبسوا السواد ، وسالت عواطفهم الكاذبة من أجل التضامن مع شركاء الوطن ، كانوا بتحريضهم على الإسلام يرتكبون جريمة كبرى اسمها الخيانة الوطنية ، حيث يبيعون إسلامهم بثمن بخس دراهم معدودة . ولست أفهم سببا لهذه العواطف السيالة التي تنزّ نفاقا وانتهازية لتقديم قرابين الولاء والطاعة لزعماء التمرد الطائفي الذين حققوا أول نصر لهم في عملية تمزيق الوطن بعد أربعين عاما ، وصار لهم شعب يتحرك بمنتهى الصلافة في أكثر من مكان ، ويضرب الأمن ويلحق الإصابات بأفراده ابتداء من اللواءات حتى صغار الجنود ، ومع ذلك يتم تدليله والطبطبة عليه ، والإفراج عنه مهما أسال من دماء وكسر من سيارات وحطم من مبان ، وقطع طرقات دائرية أو غير دائرية .. بعد أربعين عاما من ولاية شنودة ؛ صار هناك في أرض الكنانة شعب آخر يحتكم إلى الولايات المتحدة التي تحميه وتخطط له وتدعمه وتصنع مستقبله وتأتي له بحقه المزعوم ..
بالطبع فإن عناصر النفاق الانتهازي الخسيس في السلطة أغمضت أعينها ، وأصمت آذانها عن اللقاء المغلق بين سفيرة الشيطان الأكبر ورئيس دولة الكنيسة عقب الحادث المأساوي ، ناهيك عن السفراء الغربيين الآخرين الذي توجهوا إلى العباسية مباشرة دون أن يعبأوا بالبروتوكول الدبلوماسي ووزارة الخارجية المصرية ..هل يعلم أحد ماذا جرى في الاجتماع المغلق الذي تم بين السفيرة الإنجيلية ورئيس دولة الكنيسة الأرثوذكسي ؟
أشك أن يكون أحد في النظام قد اهتم بالأمر ، لأن ما تفعله أميركا داخليا وخارجيا مسموح به ، فالكلام أو الاعتراض يعني وفقا لمعتقدات حكامنا الأشاوس أنها ستحتلنا ، وتقبض على رقابنا ، مثلما قبض المتمردون الطائفيون على رقبة أحد الوزراء المصريين وهو ذاهب لأداء واجب العزاء في الكنيسة بعد أن سمع هو وغيره مثل شيخ الأزهر والمفتي وممثل رئيس الجمهورية أحط الشتائم وأقبح البذاءات في حضرة رئيس دولة الكنيسة الذي خرج بعدها ليقول على شاشة التلفزيون الرسمي : إنها قلة مندسة من غير أبنائنا – أي من غير دولته ؟!!
الاجتماع المغلق بين السفيرة والكاهن يذكرنا بما يفعله الآن السيد جون كيري السيناتور الأميركي في السودان ، وهو يقود السلطة العسكرية هناك لتركع أمام المتمردين الخونة ، وتسلمهم جنوب السودان في زفة محلية وعربية ودولية ، ويَعِد الحاكم العسكري الذي ضيع بلاده بالاستبداد والطغيان بأن أميركا ستقدم له صفقة مناسبة ، وتعامله معاملة طيبة ، وتجعل السيد " أوكامبو "مسئول المحكمة الدولية لجرائم الحرب يعفو عنه !
بيد أن الاجتماع بين السفيرة والكاهن فيما أتصور كان في الاتجاه الآخر ؛ وهو كيف يحقق الكاهن مزيدا من القهر للسلطة البوليسية الفاشية التي تستبد بالمسلمين وحدهم ، وتكتم أنفاسهم ، وتمنعهم من التعبير عن دينهم وشريعتهم وتؤمم مساجدهم ، وتنشغل بتحريم النقاب والختان ، وتحرم على الخطباء والأئمة مناقشة الجهاد والدفاع عن الأوطان ، وتصف الإسلام بالإرهاب !
لقد نجح الكاهن في إذلال السلطة البوليسية الفاشية وأرغمها على الإفراج عن أبناء الشعب ( الجديد ) الذين اعتدوا على اللواءات والجنود والمحافظة والحي وقطعوا الطريق العام وكسروا سيارات المسلمين في الجيزة ، ثم راحوا يخرجون لسانهم للقانون والدستور والدولة المدنية التي لا يتوقف المنافقون الأفاقون المرتزقة عن تصديع رءوسنا بالحديث عنها.
بقيت الإشارة إلى الدور الذي تقوم به كلاب الحراسة في تحويل الحادث المأساوي إلى ابتزاز للسلطة البوليسية الفاشية المستبدة بالمسلمين المنبطحة أمام غيرهم ، وهو ما يسمى قانون دور العبادة الموحد ! وكأن القلاع الكنسية التي تبنى للمتمردين على مدار الساعة ولا تجد من يعمرها أو يصلي فيها ؛ هي أم المشكلات والاضطهاد الذي يعانيه غير المسلمين ، وقد قام تلامذة هنري كورييل وأحفاده ممن يسمون أنفسهم بالماركسيين المتأمركين أو الشيوعيين الحكوميين بدور خائن خسيس في هذا السياق ، حين يتحدثون على المصاطب التلفزيونية المفتوحة لهم ، وعلى أنهار الصحف المتاحة أمامهم دون غيرهم عن بناء الكنائس ليعبدوا الله ، وأمر هؤلاء التلاميذ والأحفاد عجيب ، فولاؤهم الأساس لهنري كورييل اليهودي صانع الأحزاب الشيوعية في مصر ؛ يجعلهم يكرهون النصارى ، ولكن التقت مصالح المتمردين و المتمركسين لعزف نغمة واحدة. وأسألهم هل يوجد قانون موحد لدور العبادة في أوربة أو أميركا ؟ هل يستطيع المسلمون في فرنسا أو هولندا أو سويسرا بناء مسجد وفقا لقانون موحد ؟
ثم أيها المنافقون لنحسب مساحات دور العبادة لدى النصارى ولدى المسلمين ، سنجد أن ديرا واحدا تعادل مساحته مساحة جميع المساجد في العالم العربي . ولكن الهدف والغاية لدى المتمردين و المتمركسين هو إلغاء هوية مصر الإسلامية ، وإحلال هوية صليبية مكانها ، مع أن السيد ساركوزي رئيس فرنسا أعلن أنه لن يسح بالحجاب في بلاده حتى لا تتغير هويتها مهما كان الثمن !
يسألني بعض الناس أين السلطة ؟ وأين الشعب مما يجري ويحدث ؟ فأقول لهم السلطة منبطحة بدليل الاجتماع المغلق بين سفيرة الشيطان الأكبر الذي يقدم لنا المعونات ، وبين الكاهن الذي صار رئيس دولة تبتز وتفرض شروطها ، دون أن تتحرك . أما الشعب فقد غاب منذ زمان لأنه مشغول بأنبوبة البوتاجاز وسعر السكر ورغيف الخبز الذي لا يليق بآدميين .. ولكنني أيها الأحبة أخشي من انفجار قادم لا يبقى ولا يذر .. حمى الله الكنانة من الخونة والمتعصبين وعملاء الشيطان الأكبر ! | |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق