الجمعة، 26 فبراير 2010

نص رسالة توبيخ من الأنبا غريغوريس إلي البابا شنودة

نص رسالة توبيخ من الأنبا غريغوريس إلي البابا شنودة
محمد الباز
لا يتوقف خزانة أسرار البابا شنودة عن ادهاشنا.. لديه كل يوم جديد.. وجديده هذه المرة عبارة عن رسالة كتبها الأنبا غريغوريس أسقف البحث العلمي إلي البابا شنودة عام1987.. أي مر عليها حتي الآن عشرون عاماً كاملة.. كان البابا قد كتب مقالاً ذهب فيه إلي أن الزواج بأخت الزوجة أو بأخي الزوج بعد وفاة الزوجة أو الزوج يعد نجاسة.. استفز هذا الرأي الأنبا غريغوريس ليس لأنه يخالف العقل والمنطق فقط.. ولكن لأنه يخالف الإنجيل أيضاً.. ويبدو أن هذا هو موسم مخالفات البابا شنودة لنصوص الإنجيل.. بعد أن وافق علي زواج هالة صدقي الثاني.. وأوقع نفسه بذلك في شرك مخالفة رأيه السابق عن أن الطلاق لا يقع إلا لعله الزني.. فالآن لا يعرف الأقباط من يصدقون.. هل البابا الذي كان يرفض الطلاق.. أم البابا الذي لا يرفضه.علي أية حال لا يوجد لدي تقديم مناسب لهذه الرسالة.. فهي تشرح نفسها.. يجب أن نقول فقط إن للأنبا غريغوريس مكانته الضخمة في علم اللاهوت وعندما يعارض البابا شنودة في مسألة لاهوتية فإنه يكون علي حق.. والبابا علي باطل.. وهذا هو نص الرسالة:
صاحب القداسة والغبطة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث سلام أهنئكم أيها العظيم في البطاركة علي دفاعك الحار جداً عن عدم إباحة الزواج باخت الزوجة بعد وفاة أختها حتي لو كانت وفاتها بعلة طبيعية غير غرامية.
ولهذا كرستم ثلاثة مقالات حول موانع الزواج.. وواضح أن موضوع الزواج بأخت الزوجة قد شغلكم، وشغلتم به القراء في جريدة عامة بما يشعر أنكم غالباً لهذا الأمر كتبتم عن القوانين الكنيسية، فإنكم بحرارة شديدة فندتم كل الحجج المضادة، وأجبتم عن جميع الأسئلة التي يمكن أن تخطر بالبال، بذكاء شديد، وليس هذا جديداً عليكم عندما تنفعلون للدفاع عن مسألة تهمكم.
واعترف لكم بأن هذا الأمر قد صار مكشوفاً وواضحاً لكثيرين ممن قرءوا مقالاتكم في الموضوع، فقد فهموا تماماً بواعثكم وحرارتكم الروحية، وكأنكم تكتبون عن قضايا ديانتنا العظمي.. وعلي الرغم من أنكم- في اعتقادكم- قد أجبتم عن كل سؤال في الموضوع، فقد أفسحتم المجال لكل من يسأل، ففرح الأغبياء من أمثالي، ولذلك أضع تحت قدميكم استفساراً صغيراً أحمق لعلكم تجيبون عنه في وقت ما.
وسؤالي هو، إذا كان الزواج بأخت الزوجة أو بأخي الزوج بعد وفاة الزوجة أو الزوج، يعد «نجاسة» كما أصررتم عليه بايرادكم مراراً النص القائل «وإذا أخذ رجل امرأة أخيه فذلك نجاسة» «اللدويين 20: 21» وقد رددتموه بقسوة شديدة مؤلمة جداً لضمائر الذين نفذوا أمر الكتاب المقدس- نقول إذا كان علي قولكم إن هذا الزواج «نجاسة»، فلماذا قال الكتاب المقدس «لا تصر امرأة الميت إلي خارج، لرجل أجنبي، بل أخو زوجها يدخل عليها ويتخذها زوجة له، ويقوم لها بواجب أخي الزوج» «التثنية 25: 5»؟
سيقول صاحب القداسة: إنه يتزوجها ليقيم نسلاً لأخيه.
حسناً، وسؤالنا: كيف يمكن أن إقامة النسل تبي النجاسة؟
ثم لنفرض أن الرجل تزوج بالمرأة، ولم ينسل منها، هل يظل الزواج قائماً شرعاً أم يظل يعتبر عند قداسة البابا نجاسة؟
وإذا كان هذا الزواج «نجاسة» فهل يري قداسة البابا أو يفتي بوجوب الطلاق لأن الزواج لم ينجب نسلاً؟
وهل تكون إقامة الرجل والمرأة في حالة «نجاسة»؟
لقد قالت الشريعة إن البكر الذي تلده المرأة زوجة الأخ المتوفي- يقوم باسم الميت لئلا يمحي اسمه من إسرائيل.
حسناً، وما هو قول صاحب القداسة في الابن الثاني- إذا كان هناك ثان- فهل يكون هذا الابن الثاني ابناً شرعياً ثمرة لزواج طاهر مباح أم هو ثمرة لفعل نجاسة؟
وفي هذه الحالة ألا تكون المرأة قد ولدت بولد أو أولاد سفاحاً؟
ما هذا يا صاحب القداسة البابا البطريرك؟
ما هذا التعليم، تعليمكم؟
هل أنتم حقاً تعلم تعليم الكتاب المقدس؟
والآن، لقد استوقفني في مقالك الأخير «بوطني «الأحد 23/8/1987» قولكم بالحروف السوداء الثقيلة البارزة- وذلك لفتاً للأنظار، ولبيان الأهمية الكبيرة لما تقوله:
«وفي أواخر القرن 19 نشر تحريمها في مؤلف عن الأحوال الشخصية للقمص فيلوثاؤس إبراهيم أستاذ أستاذنا حبيب جرجس».
ورأيتكم بعد ذلك تمدحون الرجل مدحاً خاصاً بعبارات مضيئة «وكان هذا الرجل لاهوتياً كبيراً، وأول معلم للاهوت في الإكليريكية في عصرها الحديث...».
ولأول مرة- علي قدر علمي- أراكم تعترفون بأن لكم أستاذاً هو حبيب جرجس- ولا بأس بهذا الاعتراف فهو يشرفكم عندما يكون هذا الاعتراف نافعاً لكم ويفيدكم في البرهنة علي صحة وجهة نظركم- ولو أنني أعلم يقيناً- وأنتم تعلم أيضاً- أن حبيب جرجس لم يكن أستاذاً لكم.
ومهما يكن من أمر، فلو أنكم قرأتم ما قاله أستاذ أستاذنا حبيب جرجس- العالم اللاهوتي الكبير، وأول معلم للاهوت الإكليريكية في عصرها الحديث، في صفحة 139 من نفس الكتاب الذي أشرتم إليه- لندمتم علي ما قلتموه في مدح الرجل الذي يخالفكم الرأي علي طول الخط؟
هل قرأتم يا صاحب القداسة ما قاله الرجل في صفحة 139 سطر 7؟
«وما عدا ذلك فكله مباح، وإن تكن الكنيسة القبطية قد اتبعت الروم في تحريم بعض ما هو محلل، إلا أنه يمكن إزالة هذا الجمود...»
وفي صفحة 140 سطر 8 يقول «أستاذ أستاذنا حبيب جرجس.. وكان لاهوتياً كبيراً، وأول معلم للاهوت في الإكليريكية في عصرها الحديث».
فهذه هي الشريعة التي قضت علي زواج امرأة الأخ أو أخت المرأة، وكلها من أوامر ملوك الروم، ونحن قد وقفنا جموداً أمام هذا التحريم، وزدنا في القيود، ولم يمكننا التغلب علي هذه الأوامر للرجوع إلي الشريعة الخاصة بالزواج التي قد سنها موسي، وهي مذكورة في التوراة، ولم تسن بعدها شريعة تحلل أو تحرم خلاف أحكام الملوك.
ولنا تساؤل بعد كل هذا
1- لماذا يا صاحب القداسة أشدتم بالقمص فيلوثاؤس إبراهيم ووصفتموه بأنه «أستاذ أستاذنا حبيب جرجس، وكان عالماً لاهوتياً كبيراً، وأول معلم للاهوت في الإكليريكية..» ثم لم تذكر يا صاحب القداسة- كما تقتضي الأمانة العلمية فضلاً عن الأمانة الروحية- ما يقوله الرجل صراحة عن تحريمكم ويصفه بأنه جمود، وانسياق وراء الروم وملوك الروم؟
أحسب أن ضيق وقتكم لم يسمح لكم أن تقرءوا الفصل إلي كماله.. أليس من المحزن حقاً أن يدرس طلبة قسم القانون الكنسي بمعهد الدراسات القبطية، قضية كتابية روحية قانونية، دراسة مبتورة ، مدفوعة بنوازع، أقل ما يقال فيها إنها نوازع غير علمية، وغير موضوعية؟!
وسؤال آخر يا صاحب القداسة؟
ما هي مصلحتي أنا غريغوريوس في هذه القضية التي نالت من اهتمام بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية في كل إفريقيا والمهجر، كل هذا الاهتمام حتي إنه يتجاهل نصوص الكتاب المقدس، ويخفيها، ويقدمها مبتورة ناقصة كما إنه يخفي النص الكامل للقمص فيلوثاؤس إبرهيم مع أنه يصفه بأنه «أستاذ أستاذنا حبيب جرجس..» وينسب إليه رأياً مبتسراً ناقصاً مما يسيئ إلي الرجل ويضع في فمه كلاماً لم يقله، وإنما قال ما هو ضده، وما هو عكسه تماماً؟!
يا صاحب القداسة، ما هي مصلحتكم في كل هذا؟
هل هي حقاً غيرتكم علي التعليم الأرثوذكسي؟
هل تعلم يا صاحب القداسة أن الكاثوليك يبيحون الزواج بأخت الزوجة وبأخ الزوج «بعد الوفاة» وهذا ما أشار إليه صراحة القمص فيلوثاؤس «أستاذ أستاذنا حبيب جرجس» فقال في صفحة 139 سطر 8:
«إن الكاثوليك قد فسحوا في هذه الزيجات التي اعتبرناها تبعاً للروم محرمة، وقد وجدنا في اللاهوت الأدبي لليكوري 2: 27، 71 يمكن للواحد أن يتزوج نسيبة أخيه في الدرجة الأولي أيضاً...»
ولعلكم تعلم أن البروتستانت يبيحون الزواج بأخت الزوجة أو أخ الزوج بعد الوفاة- وأظنكم تذكرون أن رئيس الطوائف الإنجيلية قال لكم بوضوح وكان ذلك في دير الأنبا بيشوي وبحضور آخرين من رجال الدين والقانون، وكنت أنا حاضراً في هذا اللقاء، صدفة، قال إنهم يبيحون هذا الزواج، لأنه مبدأ كتابي مقرر.. فلماذا يا صاحب القداسة تتحمل مسئولية إبداء هذا الرأي الخاص بكم- متحدياً به المسيحيين جميعاً، أرثوذكس، وكاثوليك، وبروتستانت، وتنشره في صحيفة عامة يقرؤها المسيحيون وغير المسحيين وتفرضه فرضاً علي طلبة قسم القانون الكنسي بمعهد الدراسات القبطية، وتفرضه علي جميع أبناء الكنيسة كما لو كان هذا الرأي المجمع عليه، أنه الحق الإلهي؟!
لمصلحة من هذا التصرف؟
هل أنتم سعيد بما أحدثته مقالاتكم من مرارة في نفوس الذين تزوجوا بأخت الزوجة بعد وفاتها أو بأخ الزوج بعد وفاته؟
يصعب عليّ في هذا الخطاب أن أذكر لكم المآسي المفروض أنكم كبطريرك تجد لها حلاً بدلاً من هذه القسوة غير المنتظرة وغير المتوقعة من البابا البطريرك؟ وتعتقد بعد هذا أنكم تحكمون الحكم الصائب، وأما من يري غير رأيكم فقد أفتي بما هو ضد الحق، وضد الضمير!
إنني أكتفي بهذا القدر.
واعترف لكم أنني كتبت لكم هذا الخطاب متعصباً فإنني أعلم أنكم مصرون علي رأيكم وموقفكم، ولقد فقدت بالنسبة لكم كل أمل وكل «رجاء» في تعديل تصرفاتكم التي جرمتكم وتجر الكنيسة كلها معكم، ومن خلفكم وشعاركم دائماً «من ليس معي فهو ضدي».
وإني أصرخ بأعلي صوتي، أمام الرب الإله أنني لست معكم- ومع ذلك فلست ضدكم.
إنني أطلب ساجداً أمام الرب «يا رب ارحم! يا رب ارحم! يا رب ارحم!».
< < < لا يوجد لدي أدني تعليق علي هذه الرسالة.. لكنني أهديها فقط إلي الذين غضبوا عندما قلت يوماً إن البابا شنودة ورجاله ليسوا متخصصين في اللاهوت.. فهم مجرد هواة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق