الجمعة، 26 فبراير 2010

البابا شنودة يستعين بالشريعة الإسلامية للهروب من حكم محكمة


البابا شنودة يستعين بالشريعة الإسلامية للهروب من حكم محكمة
منذ اليوم الأول لصدور حكم من القضاء الإداري يلزم البابا شنودة بصفته ممثلا للكنيسة الأرثوذكسية أن يوافق علي إعطاء تصريح زواج لقبطي بعد حصوله علي حكم قضائي بالتطليق من زوجته، قامت الدنيا ولم تقعد، فالكنيسة اعلنت من البداية أنها لن تنفذ الحكم «ولو علي رقبتها»، وهو ما اعتبره عدد كبير من المحللين والمراقبين أقوي صدام بين قواعد الدولة المدنية والمؤسسة الدينية في مصر، فالمواجهة بين القضاء والكنيسة هو الأول من نوعه، رغم أن كلا الطرفين يستند إلي قوانين ولوائح.. جاء الصدام المفاجيء بين الجانبين، ليزيد من حالة الاحتقان المكتوم في مصر بين السلطات المدنية والدينية، والذي لايحتاج أكثر من «ابرة تثقب البالونة»..
كان أول رد فعل للبابا شنودة علي الحكم القضائي هو إعلانه أمام آلاف الأقباط في موعظته يوم الأربعاء التالي لصدور الحكم «أنه لاتوجد قوة في الأرض يمكن أن تجبره علي تطبيق حكم يخالف الإنجيل» وفي الموعظة نفسها هدد البابا بشلح أي كاهن يقوم بعقد زواج قبطي حاصل علي حكم بالطلاق من زوجته.
وبعد مرور شهر ونصف الشهر علي صدور حكم القضاء الإداري الذي اصدره المستشار فاروق عبدالقادر رئيس محكمة القضاء الإداري تقدم البابا شنودة في الأسبوع الماضي بالطعن رقم 18698 لسنة 52ق أمام الإدارية العليا ضد قرار القضاء الإداري، وطالب البابا في الطعن بوقف تنفيذ الحكم علي أساس أن «للمحكمة قوانينها بينما الشريعة المسيحية لها نصوصها.. وتكشف هذه الصيغة التي يقدمها البابا في طعنه عن نقطة الصراع بين الدولة المدنية والمؤسسة الدينية المسيحية.
في بداية الطعن الذي قدمه البابا شنودة جاء تأكيده أنه منذ نشأة الكنيسة الأرثوذكسية في مصر وهي تطبق احكاما مستمدة من الكتاب المقدس وقرارات المجامع المقدسة وتعاليم آباء الكنيسة في منازعات الأحوال الشخصية دون أن يعترض أحد علي ذلك ومن هنا فإن مسائل الأحوال الشخصية أصبحت متروكة للكنيسة حتي 9 مايو 1938 عندما اصدر المجلس الملي العام لائحة الأحوال الشخصية للأرثوذكس وهي الخاصة بتنظيم الزواج والطلاق والنسب واستمر العمل بهذه اللائحة حتي تم إلغاء الاختصاص القضائي للمجالس الملية.. بمقتضي القانون رقم 462 لسنة 1955 حيث تحولت بعدها مسائل الأحوال الشخصية من المجالس الملية إلي المحاكم المدنية وأصبحت اللائحة من هذه اللحظة مجرد مصدر للتعرف علي القواعد القانونية المنظمة للأحوال الشخصية وبقي الاعتماد الأكبر - كما يقول البابا شنودة في الطعن- علي تعاليم الكتاب المقدس وترتب علي صدور القانون رقم 462 لسنة 1995 تعديل المادة الثالثة من القانون رقم 68 لسنة 1947 الخاصة بالتوثيق بحيث أصبح توثيق عقود الزواج والطلاق لغير المسلمين المتحدي الطائفة والملة يتم علي يد موثقين منتدبين بقرار من وزير العدل وبالفعل اصدر الوزير قرارات بتعيين مختصين بالتوثيق ، ويقول البابا إن هذا التوثيق لا يعتبر شرطا لازما لصحة العقد وإنما هو دليل لإثبات العقد فقط أي أن عدم التوثيق لايؤثر علي صحة الزواج نفسه، ورغم ذلك لم يؤثر القانون الجديد علي الطابع الديني لعقد الزواج المسيحي خاصة بعد تأكيد محكمة النقض بأن الزواج سر مقدس يثبت بعقد يرتبط به رجل وامرأة ارتباطا علنيا طبقا لطقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ويستند البابا علي هذا الحكم لتأكيد أن الزواج في شريعة الأقباط الارثوذكس نظام ديني لايمكن الاقتراب منه. ويقول البابا إن الاسلام نفسه لم يلزم الكنيسه بمخالفة قوانينها فالقرآن يقول «لكم دينكم وليَّ دين»
ويضيف البابا شنودة في الطعن أنه قبل إلغاء المجالس الملية التي كانت تملك حق فسخ عقد الزواج الديني لم تظهر أية مشكلة تتعلق بحق زواج المطلق مرة ثانية ولكن بعد إلغاء هذه المجالس وإحالة اختصاصاتها للمحاكم التي لايدخل في تشكيلها رجال الدين بدأت المشاكل في الظهور خاصة أن المحاكم مازالت تتخذ اللائحة 38 اساساً لتنظيم الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس وهذه اللائحة تتضمن 10 شروط ترفض الكنيسة الاعتراف بـ 9 منها وتكتفي بالنص الديني الموجود في الانجيل الذي يمنع الطلاق إلا لعلة الزني، في الوقت الذي تستند فيه محكمة القضاء الإداري التي اصدرت حكمها في القضية رقم 1605 لسنة 58ق إلي المادة 69 من اللائحة 38 والتي تنص علي أنه يجوز لكل من الزوجين بعد الحكم بالطلاق الزواج من شخص آخر إلا إذا نص الحكم علي حرمان احدهما أو كليهما من الزواج وفي هذه الحالة لايجوز لمن قضي بحرمانه أن يتزوج إلا بتصريح من المجلس وفي مقابل هذه المادة التي استندت إليها محكمة القضاء الإداري أصرت الكنيسة علي أن الزواج سر مقدس لا يمكن فسخه إلا عن طريق الرئاسة الدينية باعتبارها صاحبة الحق الوحيد في الحرمان من أحد أسرار الكنيسة وفي الطعن حاول البابا شنودة أن يبتعد عن الاتهام الموجه له بمخالفة القوانين الوضعية فقال في الطعن إنه يلتزم بالقاعدة المسيحية المستمدة من قول المسيح «أعطوا ما لقيصر لقيصر ومالله لله».. واعتبرت الكنيسة حكم الطلاق الذي يصدر من محكمة الأحوال الشخصية خاصة بالعقد المدني فقط وأنه غير واجب النفاذ إذا رفض الرئيس الديني منح تصريح الزواج لأن استصدار الترخيص بالزواج -كما يقول البابا- من الاسرار التي تدخل في صميم السلطان الروحي لرجال الدين ولايصدره آباء الكنيسة إلا إذا كان موافقا لقوانين الكنيسة وعقائدها التي تحرم الطلاق إلا لعلة الزني..ويؤكد البابا شنودة أن حكم الطلاق الصادر من محاكم الأحوال الشخصية بناء علي أحكام القانون 1 لسنة 2000 وقبله القانون 462 لسنة 1955 ينهي العلاقة الزوجية من الناحية المدنية ولكن ينهي عقد الزواج الديني، ويقول البابا ان نص المادة 69 من اللائحة 38 التي تجيز الزواج مرة أخري فإنه سقطت اعتبارا من تاريخ العمل بالقانون 462 لسنة 1955.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق