عاطف كيرلس.. القبطي الذي أحرج البابا شنودة في المحكمة
فادى اميل
يراه البعض حالة تستحق التقدير، لأنه أحد الباحثين عن الحق في الحياة وأنه مثال لمعاناة الإنسان القبطي تحت وطأة رجال الدين وأصحاب الحق الإلهي من أصحاب العمائم السوداء.
ويراه آخرون مثالاً للابن الضال الذي رفض حكمة ورعاية أبيه معلناً التمرد والعصيان وكاسراً لوصية الطاعة، فهو المارق الذي قال أريد أن أكون إنساناً ولو لمرة واحدة في حياتي.
عاطف كيرلس «55 عاماً» تحول بالفعل إلي مجموعة من الأوراق تتداولها قاعات المحاكم وأروقة الكنيسة، بعد أن حصل علي حكم من محكمة الأحوال الشخصية بالتطليق من زوجته «اعتماد» بناء علي الهجر واستحكام النفور، وهو السبب الذي يبيح للمحكمة الحكم بالطلاق والمعتمد علي لائحة الأقباط الأرثوذكس المعروفة بلائحة 38.
كان عليه أن يبدأ رحلة جديدة في أروقة الكنيسة للحصول علي تصريح بالزواج من أخري، ما يملكه عاطف من أسباب الطلاق التي اعتمدت عليها المحكمة ليس كافياً، لأن تمنحه الكنيسة تصريح الزواج الكنسي.
بعد أن اعتلي البابا شنودة الكرسي البابوي المرقسي عام 71 اقتصر تصريح الزواج للمرة الثانية علي حالات الزني والخروج عن الدين المسيحي وموانع انعقاد الزواج الأخري مثل العجز الجنسي أو الغش في بكارة الزوجة أو الإكراه أو سلب الإرادة.
تم بالفعل فتح ملف لعاطف في المجلس الملي عام 2002 وحمل رقم 87، وعليه الآن أن يتجرد من كل حقوقه في المحافظة علي صغاره وحفظ كرامتهم دون أن يتعري ويعلن عن الأسباب الحقيقية الأخري، التي دفعته للانفصال عن الزوجة، عليه أن يعري أسرته وأبناءه.
رضخ عاطف وقدم للمجلس الموقر ورقة بخط يد الزوجة، كتبتها، وقعت أسفلها مع رقم بطاقتها، وهي رسالة كتبتها الزوجة إلي البابا شنودة كخطاب اعتراف طالبة للمعونة المادية والروحية.
إلا أنها لم تبعث بها وعثر عليها الأبناء وقدموها للأب الذي استطاع أن يثبت انحراف الزوجة وارتباطها بآخر في صورة زواج عرفي وأشياء أخري.
الزوجة أيضاً كانت قد حاولت الانتحار للخلاص من حياتها بقطع شرايينها، بعد أن صدر ضدها حكم قضائي بالسجن لمدة عام بعد تبديد مبلغ مالي كبير.
انهدم الزواج الذي بدأ في عام 83 بعد أقل من عامين باعتراف الزوج والزوجة، أصبحت الحياة مستحيلة ولن يجدي فيها مائة ألف اعتراف وتناول، أصبح علي كل منهما أن يبحث عن الحق في الحياة بالطرق الشرعية والقانونية.
بالفعل حصل عاطف علي تصريح زواج مختوم وموثق من الكنيسة الأرثوذكسية بحقه في الزواج مرة أخري، وهو التصريح الذي صدر في مارس 2005.
ولابد أن يكون هذا التصريح قد صدر بعد أن استقر في يقين الكنيسة أحقيته في الحياة، ولكن هذا لم يكن حقيقياً.. فقد كان هذا التصريح بعد أن اكتشف عاطف اختفاء ملفه من داخل المجلس الملي، وقد هدد باللجوء إلي القضاء ووسائل الإعلام.. علي الفور بعد ثلاثة أيام تلقي عاطف تليفوناً للحضور إلي المجلس للحصول علي التصريح!
في هذه الأثناء كان قد قام برفع دعوي قضائية للحصول علي حكم لاجبار الكنيسة علي التصريح له بالزواج مرة أخري.. وبالفعل صدر الحكم القضائي في مارس 2006 بإلزام الكنيسة بالتصريح للأشخاص الحاصلين علي أحكام قضائية بالطلاق من المحاكم المصرية بالزواج.. وهو الحكم الذي أثار العمائم السوداء.
البابا يصرح بأن أحداً لن يجبر الكنيسة علي التصريح بالزواج الثاني.. واعتبر حكم المحكمة كأنه لم يكن بالنسبة للكنيسة المالكة للحق الإلهي.. وصاحبة الامتيازات الدينية والتي لم تتنازل عنها، حتي لو أصبحت دولة داخل دولة.
انقضي عام ولم يتزوج عاطف الحاصل علي التصريح، فكان لابد أن يتأني لأن التجربة الأولي مريرة والحياة لا تتحمل خطأ آخر.
توجه عاطف إلي المجلس الملي، ولكن الصاعقة كانت أن الكنيسة ترفض منحه تصريح الزواج وبدون إبداء أسباب!
تسع سنوات أمام المحاكم وأبواب المجلس الملي للبحث عن حقه في الحياة وفي إصرار يحسد علي، قال: «لن أتنازل علي حقي، لا أريد الزواج فقد ضاعت حياتي منذ أكثر من ربع قرن»، حافظت علي أبنائي وكنت أباً وأماً، فقدت كل معاني الحياة وما أبحث عنه ليس عداء للكنيسة ولا للبابا، ولكن أريد ولو لمرة واحدة أن أثبت لنفسي أنني أستطيع أن أحصل علي شيء من هذه الدنيا.
لن اتزوج ولا أريد شهرة ولا أموالاً، كل ما أريده أن أشعر بآدميتي والتي لن يسلبني أحد إياها، حتي ولا الأنبا بولا الذي يعاقبني».
بكل قسوة السنين التي وقعت بصمتها علي ملامح وجه عاطف وجسده المنهك ظل يؤكد أنه سوف يبحث عن آدميته.
هناك الكثير من الطرق والحياة البعيدة عن أيادي العمائم السوداء.. يستطيع أن يحياها عاطف ولكنه لا يريد الحياة في الظل، يريد أن يحصل علي حقه في الحياة حتي وإن لم يستخدمه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق