السبت، 27 فبراير 2010

طلاق الأقباط" كتاب يبحث في أسرار الأزمة العاصفة

هذا المقال من مجلة شبكة الاعلام العربية

عن دار ميريت للطبع والنشر، صدر كتاب جديد تحت عنوان "طلاق الأقباط" للصحفية المصرية " كريمة كمال ", والذى جاء بعد تعاقب الأزمات الاجتماعية التي يمر بها الأقباط في مصر, وعقبه إعلان تأسيس المجمع المقدس للمسيحيين الأرثوذكس في القاهرة , كحدث يعد أول خروج عن سلطة الكنيسة الأرثوذكسية القبطية بزعامة البابا شنودة الثالث بطريرك الكرازة المرقسية ويعتبره كثيرون تهديدا لوحدة الكنيسة المصرية... فماذا قال الكتاب ؟ .






محيط : صفية حمدي


كريمة كمال كاتبة ومؤلفة لها كتب عدة منها «بنت مصرية في أميركا» و«فساد الكبار» , وفى تصريحات صحفية لها قالت أنها تنطلق في تقويمها بالكتاب من كونها مصرية قبل أن تكون قبطية ، وأضافت في تصريحاتها وخلال الكتاب "لأن الكثيرين من الاقباط اتجهوا لتغيير ديانتهم حتى يتمكنوا من الزواج مجددا , وأن حوالى 300 الف من الازواج لجأوا الى المحاكم المصرية منذ 1971 للحصول على الطلاق بعد ان اصدر البابا شنودة الثالث, بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية, اثر وصوله الى كرسي البابوية قرارا بتحريم الطلاق إلا لسبب واحد هو الزنا متجاوزا بذلك قانون توحيد القضاء الصادر عام 1955.

تبدأ المؤلفة الكتاب بفصل بعنوان «من تفاحة بنت شنودة الى هالة صدقي» حول تفاحة أول قبطية تحصل على طلاقها من زوجها بموجب حكم عن محكمة شرعية اسلامية بالإبراء إبان الحكم العثماني لمصر , والفنانة هالة صدقي التي حصلت هي الاخرى على طلاقها العام 2001 استنادا الى قانون الخلع في مصر الذي بدأ تطبيقه قبل خمسة اعوام.

تتبعت المؤلفة الدعاوي الزوجية المنظورة بالبطريركية وفى المحاكم , ورسائل القراء التى وردت إليها من قرائها ورسائل موجهة للبابا شنودة , وآراء متخصصين قانونيين ومحامين ملمين بالجانب الميداني والعاملين بالمنظمات الأهلية , والمتمثلين في المحامى لبيب معوض الذى يتعرض للكثير من هذه القضايا خلال عمله الميدانى , والدكتور راجي شوقي ميخائيل المهتم بهذه القضية , والدكتور محمد نور فرحات أستاذ القانون ، وميرفت أبو تيج المحامية بالنقض وعضو مجلس إدارة ملتقى تنمية المرأة ورئيس جمعية أمى للحقوق والتنمية ، والدكتور سمير تناغو أستاذ القانون المدني بكلية الحقوق جامعة الأسكندرية بالقاهرة والذي شغلته قضية الأحوال الشخصية لغير المسلمين وضمها في كتاب حوى رؤيته لتعديل القوانين المعيبة في الصياغة .

كما استدلت بوثائق نصوص مشاريع القوانين المتعلقة بتنظيم الأحوال الشخصية المتعلقة بغير المسلمين ومنها نصوص مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد الذى أقرته جميع الملل والطوائف المسيحية في مصر وتعترض عليه الكنيسة حاليا .


وقد أشعلت أزمة وفاء قسطنطين التي أشهرت إسلامها مناقشة قضايا الأقباط في مصر في الآونة الأخيرة فيما يتعلق بعلاقاتهم مع الدولة والكنيسة ، وباعتبارها أزمة مزمنة – حسب المؤلفة- منذ أن تولى البابا شنودة الثالث البطريرك السابع عشر بعد المائة المسئولية في عام 1971 , معلنا رأيه بعدم اعترافه بأى سبب للطلاق من الأسباب التسعة التى كان يحكم بها سابقا إلا في حالة الطلاق بسبب الزنى , ومنذ هذا التاريخ والمحاكم تحكم بالطلاق أما الكنيسة فلا تعترف به ومن ثم لا تمنح ترخيصا بالزواج مرة آخرى ،





وبين مسيحيات تلجأن للخلع أو للزواج المدني ، وحينما ترفض الكنيسة أن تعطي القبطي التصريح بالزواج يتحايل على الأوضاع , ويكون في نظر الكنيسة غير صحيح وبمعنى أوضح : زنى ! .


دفاع مستميت عن "الزوجة الواحدة "


فى عهد الملك بن مروان كانت ظاهرة تعدد الزوجات والتسرى بالسرارى أو الجوارى قد تفشت , وكان له أثره الشديد المزعج للبطاركة وحاولوا منعه , وقتل إثنان منهم فى سبيل منعه والدفاع عن الزوجة الواحدة ,هما كما بين الفصل الأول من الكتاب : الأب "إبرام بن زرعة " الذى مات فيما يبدو مسموما بمؤامرة من رجل كبير من القبط لم يمتثل لقرار التحريم وعاقبه الأب , وهوذاته ما حدث للبابا يوحنا التاسع والتسعين .

وظلت مشكلة الزوجة الواحدة تغيب وتظهر على مدى السنوات , وبينت الكاتبة أن الطلاق في العهد القديم كان مباحا لكل سبب وكل سبب ما عدا ثلاث حالات فقط لا يجوز فيهم الطلاق : أولها انه إذا تزوج شخص من فتاه على أنها بكر ثم زعم أنه وجدها ثيبا , ثم ثبتت بكارتها بعد ذلك , كان عليه أن يدفع لولى أمرها مبلغا من المال على سبيل الغرامة وأن يتزوجها ولا يستطيع طلاقها ! , والحالة الثانية إذا عاشر رجل فتاة مخطوبة لرجل آخر فعليه أن يدفع لولى أمرها مبلغا من المال على سبيل الغرامة وأن يتزوجها ولا يستطيع طلاقها , أما الثالثة فلا تجيز للكاهن أن يطلق زوجته .

وفى العهد الجديد لم يكن هناك طلاق في المسيحية لأن الطلاق يتم بالإرادة المنفردة , وما كان موجود هو التطليق , فتغيرت الأحوال وبدأ تقنين الأحوال الشخصية للمسيحيين على يد " صفى أبى الفضائل بن العسال" عام 1238 بوضعه عدة قوانين تضمنت أسباب آخرى للطلاق بجانب سبب الزنى , وطبقت هذه القوانين حتى عام 1938 ( أى سبعة قرون) , ثم جاءت لائحة 1938 التى وضعها المجلس الملى للأقباط الأرثوذكس والتى استمدت أسباب الطلاق من قوانين ابن العسال وأضافت بعض الأسباب بما يتماشى مع المجتمع .

وبسبب تشدد الكنيسة في مسألة الطلاق وإعطاء تصريح الزواج مرة آخرى ظل الأقباط يلجأون إلى أبواب تتسق مع ما تقر به المحاكم و المرفوض" في نفس الوقت من الكنيسة " , وأيسر هذه الطرق تغيير الملة حتى يتم تطبيق الشريعة الإسلامية وفقا لنص قانونى يفيد بأنه في حالة إختلاف الملة بين الطرفين تطبق الشريعة الإسلامية , وهو ما لجأت إليه الفنانة المصرية هالة صدقى حينما استخدمت مادة الخلع في قانون تبسيط إجراءات التقاضى في الأحوال الشخصية لعام 2000 .


تولى البابا شنودة ومعضلة الطلاق


من ضمن الوقائع المؤسفة التى ضمنتها صفحات الكتاب قصة سيدة تتهم نفسها بالزنى كذبا لكي تتخلص من علاقة زواج تحولت إلى عذاب يومى ، وقصة آخرى لزوج لم يجد سبيلا إلى طلاق زوجته والحصول عل تصريح بالزواج مرة أخرى من الكنيسة إلا بإتهام زوجته زورا بالزنى , وأتى بأربعة شهود أمام المحكمة شهدوا على زوجته بأنها زانية وحصل على حكم بطلاقها وبعده وافقت الكنيسة وأعطته تصريح بالزواج مرة ثانية لأن حكم الطلاق كان بسبب الزنى !!
وتشير كريمة كمال خلال كافة فصول الكتاب لأن هذه الأزمة بدأت تشتد عندما أصدر البابا شنودة الثالث القرار البابوى رقم 7 لسنة 1971 للمجلس الإكليركي بعدم إعطاء تصريح زواج ثان لمن يحصل على أحكام بالطلاق لأى سبب آخر إلا لعلة الزنى , وفقا لنص تعاليم الإنجيل الذي ينص على أن " من طلق امرأته الا لعله الزنى يجعلها تزني , ومن يتزوج بمطلقة فإنه يزني" ولم يتغير موقف البابا شنودة هذا حتى الآن منذ عام 1971 إستنادا لهذا النص .

مع العلم أن هناك تسعة اسباب يتم الطلاق على أساسها للأقباط وفقا للقانون رقم 462 لسنة 1955 الخاص بالأحوال الشخصية التي أعدها المجلس الملى للاقباط في عام 1938 في عهد البابا يؤانس الثالث عشر بعد المائة .


? وتتمثل الأسباب التسعة في أن : طلب الطلاق لكل من الزوجين لعلة الزنى أو إذا خرج احد الزوجين عن الدين المسيحي وانقطع الأمل في رجوعه إليه جاز بناءا على طلب الزوج الاخر او اذا غاب احد الزوجين خمس سنوات متتالية بحيث لايعلم مقره ولا تعلم حياته من وفاته وصدر حكم باسباب غيبته , او عند الحكم على احد الزوجين بعقوبة الاشغال الشاقة او السجن او الحبس لمدة سبع سنوات فاكثر, او اذا اصيب احد الزوجين بجنون مطبق او بمرض معد يخشى منه على سلامة الاخر وللزوج الاخر طلب الطلاق في هذه الحالة اذا كان قد مضى ثلاث سنوات على الجنون او المرض وثبت انه غير قابل للشفاء ويجوز للزوجة طلب الطلاق لاصابة زوجها بمرض العنة ايضا اذا مر ثلاث سنوات وثبت وكانت هى في سن يخشى عليها من الفتنة , السبب السادس يتمثل في أن الطلاق يجوزاذا اعتدى احد الزوجين على الاخر او اعتاد ايذاءه ايذاء جسيما يعرض صحته للخطر ويجوز أيضا الطلاق إذا أساء أحدهما معاشرة الآخر أو أخل نحوه إخلالا جسيما أدى الى إستحكام النفور بينهما وانتهى الأمر بافتراقهما عن بعض واستمرت الفرقة ثلاث سنوات متتالية ويجوز كذلك إذا ترهبن الزوجان أو ترهبن أحدهما برضاء الآخر .

ومع عام 1971 وبقرار البابا شنودة اقتصرت كافة هذه الأسباب في علة الزنى وبرزت المشكلة في أن المحكمة تصدر أحكامها بالطلاق قبل عهد البابا شنودة وبعده وفقا لهذا القانون الذي وضعه المجلس الملى للطوائف الثلاث المسيحية .
ولم يتغير الوضع بين أروقة المحاكم , بينما تغير تماما داخل الكنيسة, و بعد أن كان القبطى يحصل على حكم بالطلاق لسبب من الأسباب التسعة يختلف عن الزنى ويذهب ليحصل على تصريح بالزواج مرة ثانية.





اليوم ترفض الكنيسة أن تعطيه هذا التصريح , مع أنه قبل قبل عام 1971 كان هناك أمثاله صدرت لهم نفس الأحكام ولذات الأسباب وحصلوا على تصريح بالزواج مرة آخرى من الكنيسة , الفرق الوحيد أنهم قرروا الزواج قبل أن يتولى البابا شنودة المسئولية.

وأضحى هناك فريقان : الأول يساند البابا شنودة في موقفه المستند على النص , والثانى يطالب بمرونة تسمح بإعطاء تصريح للزواج مرة ثانية أسوة بما كان معمولا به من قبل, والسؤال الذى طرحته المؤلفة خلال الكتاب هو : لمن يخضع القبطي ؟ الكنيسة تجري المراسم الدينية والدولة ممثلة في وزارة العدل تمنح دفتر التوثيق الذى يرتب كل التبعات المادية من استخراج بطاقة الى تقسيم الإرث , وهل يحق للكنيسة أن ترفض تنفيذ حكم أصدرته المحكمة للسبب الذى بنى عليه؟


الكنيسة وجها لوجه أمام القانون!


تجسد الصراع ما بين الدولة والكنيسة ولأى منها يخضع القبطى في قضية نظرتها المحاكم المصرية وحكمت فيها بحكم أطلق عليه " الحكم القنبلة" وتناولته الصحف كل بطريقته , وترتب عليه ذهاب آلاف الأقباط إلى أبواب البطريركية مطالبين بحقهم في الحصول على تصريح بالزواج مرة ثانية، تناولته المؤلفة خلال فصل بالكتاب بعنوان "القبطى يرفع دعوى على الكنيسة ! " ولم تقل في عنوانها "قبطي " بدون أداة التعريف , وعلى ما يبدو أنها أرادت أن تركز ما يعنيه وقوف قبطى أمام الكنيسة أكثر من مضمون الدعوى القضائية , وعرض قضية خاضها فرد.

يشير الكتاب لأن القضية رفعها المواطن " عيد صبحي غطاس" ضد البابا شنودة الثالث بصفته ونيافة الأنبا رئيس المجلس الإكليريكى لطائفة الأقباط الأرثوذكس بصفته سنة 1998 , طالب فيها بحقه في الحصول على تصريح بالزواج مرة أخرى , لرفض الكنيسة أن تعطيه إياه لأن حكم الطلاق الذي حصل عليه كان بسبب نشوز زوجته واستمرار هذا الوضع لأكثر من ثلاث سنوات , والكنيسة لا تعترف إلا بسبب الزنا .

المحكمة حكمت بـ " إلزام الكنيسة إعطاء تصريح واصفا امتناعها بموقف مخالف للقانون ولأحكام شريعة الأقباط الأرثوذكس , لأن سبب الطلاق هذا ضمن الأسباب التي تضمها لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس , وأن موقفها ما هو إلا تشدد والكنيسة ليست جهة تشريع وأنه تلاحظ أن الكنيسة تنكر منذ أكثر من ربع قرن أسباب التطليق الواردة في لائحة 1938 وتعتبرها مخالفة لأحكام الإنجيل ، ومع ذلك فالمحكمة قررت أن الشريعة المسيحية واجبة التطبيق ليس فقط بما ورد بالكتب السماوية إنما أيضا ما كانت المجالس الملية تطبقه قبل إلغائها".

وبعد هذا الحكم وبعد ضجة وجدت طرقها على صفحات الصحف , هدأت الحملة وكما تعبر كريمة كمال فإن أحدا لم يعرف ما الذي حدث ولم يتابع حتى هدأت الضجة وقدمت الكنيسة استئناف بعد عقد صلح بين الزوجين وتنازل الزوج عن حقه في مطالبة الكنيسة بتنفيذ الحكم !

ولكنها خسرت الاستئناف أيضا لآن القانون ببساطة شديدة بتعبير الكتاب يستند إلى الشريعة المسيحية الأرثوذكسية , وهو ما يعنى أنها ليس لها الحق في عدم منح طالب ترخيص بالزواج هذا الحق , ولكنها لازالت بذات الموقف .
وذات الصراع حكمه حكم في مجلس الدولة كان يجيب عن التساؤل : هل الكنيسة تخضع في قراراتها للقضاء الإداري من عدمه ؟ , ونص الحكم على أن "الكنيسة مؤسسة تابعة للدولة وتخضع قراراتها لرقابة القضاء الإداري "
وأمام هذا في حواره بالكتاب مع المؤلفة دعى الدكتور راجي شوقي ميخائيل لإجراء دراسات موسعة تقارن بين مدرستي 1938 و1971 مع الإعتراف بنبل الغايات في الحالتين , مشيرا لأن أسس الزواج تقوم على الشركة الروحية والجسدية , وقدم تعريف موسع للزنى .


أنبا يزوج قبطي بعد استئذان زوجته القعيدة

مع هذا التشدد والحيرة التى يقع فيها القبطى , رأينا حالات الخروج الصارخ عل الكنيسة والتي نقلتها المؤلفة عبر الفصول وتناولتها في جزء خاص تحت عنوان "أمام التشدد ...حالات غريبة " مشيرة لأن هذه الحالات قد تحدث أحيانا على يد كاهن داخل الكنيسة يستخدم سلطته في حالات خاصة , كما حدث مع كاهن ليس عادى .





مطران في إحدى أبرشيات الصعيد توفى قريبا , تعرض لحالة رجل من الأعيان "أى ذو المال أو النفوذ" كانت زوجته مشلولة وخشى الرجل إرتكاب الخطيئة , هنا فاتح الأنبا الزوجة المشلولة ووافقت وأتم الأنبا مراسم الزواج على الزوجة الجديدة رغم أنه لا يوجد تعدد زوجات في المسيحية!!!

ونقرأ في صفحات الكتاب أنه في العهد القديم كان على الأخ أن يتزوج امرأة أخيه إذا ما توفى , وإذا لم يتزوجها يجتمع مجمع من الشيوخ ويخيرونه في الزواج منها , فإن رفض تبصق الزوجة على وجهه وتخلع نعله ويعلق هذا النعل على باب منزله ويسمى " بيت مخلوع النعل" , لكن العهد الجديد نص على عدم جواز زواج الأخ من امرأة أخيه بعد وفاته , ومع هذا واجه أنبا حالة زوج مات وشقيقه أقام علاقة جنسية مع زوجته وأصبحت حاملا , فقام بتزويجه.

وفى فصل عنونته ب"طلاق الأقباط ...انتبهوا قبل أن يغلق الباب تماما ! " حاولت رصد واقع وضع شائك من خلال محام يسلك مع موكليه دهاليز وتحايلات وقوانين , إنه لبيب معوض المحامي الذي بادرها كما وصفت بأنه لديه ست أو سبع قضايا في اليوم الواحد لمسيحيين ينفصلون سواء ببطلان الزواج أو بالتطليق أو بالخلع مؤكداً أن الطلاق صعب إنما ليس مستحيلاً ... . وأن أسرع الطرق التحول للإسلام لأن الزوجة لو تحولت يعرض القاضي الإسلام على الزوج وإن رفض يفرق بينهما أو يلجأ إلى تغيير الملة حيث أن القانون ينص أنه في حالة اختلاف الملة تحكم المحكمة بالاستناد إلى الشريعة الإسلامية , واستغلت بعض النساء ذلك حيث تغير الملة وتطبق الشريعة الإسلامية , استنادا لها ترفع دعوى خلع كما جرى الحال مع الفنانة المصرية هالة صدقي , وأضحى مثلها اليوم في محافظة القاهرة فقط عام 2000 وفقا لإحصائية ملية لمركز قضايا المرأة المصرية 129 قضية خلع .


وفى سياق آخر يسرد معوض قصة لزوجان اشتد بينهما الخلاف وفشلا في الحصول على الطلاق فنصح المحامي الزوج بأن يعترف بأنه على علاقة بامرأة أخرى , وبالفعل حكم بطلاقهما وبعد مرور أكثر من عشر سنوات أراد الزوج الزواج وذهب إلى الكنيسة يطلب تصريح بذلك رفضت الكنيسة على أساس أنه هو الذي ارتكب فعل الزنى وعندما حاول أن يشرح حقيقة ما حدث قالوا أنهم ملزمون بما هو مقيد في الأوراق القانونية للقضية ونصحوه وهو عالم في أحد المعاهد العلمية الكبرى بالولايات المتحدة أن يتفرغ لعلمه ! !


قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين


المحامي لبيب معوض أيضا رفض خروج قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين الذي وضعته الطوائف المسيحية الثلاث عام 1978 بعد عدة اجتماعات وتسلم في مجلس الشعب ، لأن هذا القانون يحل التناقض بين المحاكم والكنيسة فقط بما يقضي به بعدم الطلاق إلا لعلة الزنى مع إضافة الزنى الحكمي بما يعني أنه مجرد توسع في نوع وتعريف الزنى فقط.

والزنى الحكمي كما جاء في المشروع القانوني هو " هروب الزوجة مع رجل غريب ومبيتها معه بدون علم زوجها أو ظهور خطابات صادرة من أحد الزوجين لشخص غريب تدل على وجود علاقة آثمة ، ووجود رجل غريب مع الزوجة في منزل الزوجية في حالة مريبة ، تحريض الزوج زوجته على ارتكاب الزنى ، إذا حملت الزوجة في فترة يستحيل فيها الحمل , وما ينطبق على الزوجة ينطبق على الزوج .

أكد لبيب معوض تعليقا على هذا المشروع حين خروجه أن الواقع العملي والميداني يقول إنه لن ينجح .

ويبين الكتاب أنه كان هناك أيضاً اتفاق بين ممثلي الطوائف الثلاث ووزارة العدل على وضع حلول موضوعية للذين حصلوا على الطلاق بعد عام 1971 لأسباب غير الزنى ولم يحصلوا على تصريح زواج مرة أخرى ولكن الأمر لم يطرأ بجديد , وفي نفس الوقت هناك جهة تحاول طرح قانون موحد للأحوال الشخصية للمسلمين والمسيحيين .

والمشكلة أن من يتعصبون لوجهة نظر البابا شنودة يرون أنه على حق لاستناده إلى نص صريح في الإنجيل ويرون أن الأسباب الأخرى في لائحة 38 للمجلس الملي وضعها رجال كنيسة وأعضاء مجلس ملي سايروا التطور الزمني فأباحوا أسباب لا سند لها من الإنجيل واستمدت من الحكومة الفرنسية بصفتها حكومة مدنية .

من هذه النقطة ناقشت كريمة كمال نقطة في غاية الأهمية وهي مصادر القواعد القانونية التي تنظم الأحوال الشخصية للمسيحيين وناقشتها خلال حوارها مع الأستاذ الدكتور محمد نور فرحات - أستاذ القانون والذي يدعو منذ فترة لقانون موحد للأحوال الشخصية للأقباط والمسلمين معاً ، وقال بأن مصادر الأحوال الشخصية عند المسيحيين تبدأ بما ورد في الكتاب المقدس ثم بعد ذلك قرارات المجامع المقدسة ثم أوامر الرؤساء الدينيين بمعنى أن ما يراه رئيس الكنيسة يعتبر مصدراً من مصادر القانون , وقرارات المجامع لا تعتبر كلها مصدراً لشريعة الأقباط إذ لا تعترف الكنيسة المصرية إلا بالمجامع الثلاثة الأولى ، مجمع " نيقيا " سنة 325 ، و"القسطنطينية " سنة 381 ، و "افسوس الأولى " سنة 431 ، لذلك نجد أن المجموعة التي وضعتها لجنة في المجلس الملي لطائفة الأقباط الأرثوذكس سنة 1938 وجمعت القوانين في صورة عصرية , ومجموعة ثانية من القوانين تمت الموافقة عليها من الجمعية العمومية للمجلس الملي للأقباط الأرثوذكس سنة 1955 , تواجههم مشكلة أن المجلس الملي العام ليس له سلطة تشريعية .

بينما هي في أيدي المجمع المقدس الذي يضم المطارنة وبالتالي المحكمة يمكنها أن تسترشد بما انتهى إليه المجلس الملي كنوع من العرف السائد ويستطيع البابا أن يعارض ما ورد في لائحة 1938 بصفته رئيساً للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وأوامره مصدر للقانون .


دفتر توثيق الزواج

مسألة التصريح بالزواج من الكنيسة مسألة شائكة لأن عقد الزواج لا ينص على الحصول على تصريح من المجلس الإكليركي أو الكنيسة وبالتالي فهو غير ملزم في العقد ، وهناك من يرى أن الكاهن إذا قام بتوثيق الزواج دون تصريح من الكنيسة يكون العقد سليماً مائة في المائة تحت مسئوليته هو ، وكان الزواج في الماضي " يتم في الكنيسة أو أي مكان لائق " فيتزوج البعض أحياناً في المنازل , لكن الكنيسة الحالية وضعت شرطين لإتمام عقد الزواج .

أولهم استخراج تصريح من المجلس الإكليركي لفتح كنيسة لعقد الزواج , والثاني أن يعقد العقد داخل الكنيسة , والبعض هنا يؤكد كما أشرنا أن هذا الشرط غير ملزم مما أدى لفتح نوافذ لطرق وأبواب خلفية .


من هذه الأبواب ما عرف دائماً بأن هناك كاهناً يقوم بتزويج من يريد الزواج وفشل في الحصول على تصريح من الكنيسة زواجاً كنسياً دينياً , وهناك شكاوى من الكنيسة قدمتها للنيابة العامة ضد بعض القسس متهمة إياهم بالتزوير لكن محكمة الجنايات حكمت في إحداهم بالبراءة.


وكان الأنبا بولس أسقف حلوان معروفاً بذلك والكل يعلم حتى الكنيسة ، ولم تستطع الكنيسة أن تفعل له شيئاً لأنه كان من الحرس القديم للبابا كيرلس حتى توفى ، وهناك قس آخر كان عضواً في اللجنة الخماسية التي شكلت لإدارة شئون الكنيسة يوم فرض الرئيس السادات الإقامة الجبرية على قداسة البابا شنودة أيام أزمة 1981 ، وحينما أعاد الرئيس مبارك البابا شنودة استبعد أعضاء هذه اللجنة بما فهم هذا القس .

وكان هذا القس يملك دفتر توثيق الزواج من وزارة العدل وجردته الكنيسة من رتبته ثم رفع دعوى ضد ذلك وكسبها لكنه لم يعد وظل هو من يملك الدفتر حتى حصلت عليه الكنيسة وأعادته لوزارة العدل .


والقصة التي رواها أنه تم خطفه أثناء عقده لزواج قبطيين أرثوذكس في كنيسة تابعة لملة أخرى واختطف إلى داخل الكاتدرائية بالعباسية حيث أخذ منه الدفتر, وبناءاً على التحقيق من قبل وزارة العدل أعادت له الدفتر وهو الآن أحد هذه الأبواب لإتمام الزواج الذي ترفضه الكنيسة .

وعلى ما يبدو مع الأحداث الأخيرة وهذا الكتاب فإن حساسية الطرح العلني لمشاكل الأقباط وبصفة خاصة قضية الطلاق باتت مختلفة , وكثيرون قرروا كسر حاجز الصمت عن مناقشة قضاياهم ولكن وسط شرنقة من الإحساس بنوع من الخيانة للخصوصية – كما وصفتها المؤلفة – أو حساسية التعرض للجهة الدينية التي يحملون لها التقدير والتقديس , وهو ما انعكس خلال حجم رد الفعل الشفهي الذي كان أكثر بكثير من تبنى الرأي علانية أو كتابة والأدهى نشره !! ولهذا كانت الردود التي وردت إلى المؤلفة ضئيلة وكان السبب كما سردته : حساسية صاحب الرد لعلاقته بالكنيسة , ولأنه لا يريد أن ينعكس هذا الرأي على مشكلة يخوضها أحد أبنائه خاصة بذات القضية المطروحة وهى الطلاق .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق