الجمعة، 26 فبراير 2010

الهاربون من كنيسة البابا شنودة


الهاربون من كنيسة البابا شنودة
محمد الباز
تتعامل الكنيسة الارثوذكسية بقلق يصل الي درجة الريبة مع كل ما يصدر عن الانبا مكسيموس الذي تصر الكنيسة علي أنه بالنسبة لها ليس الا ماكس ميشيل الذي يريد أن يهدم الكنيسة علي رأس من فيها وتحديدا رأس البابا شنودة،لا يهمني الآن الخلاف الذي وصل الي مرحلة تكسير العظام بين مكسيموس ورجال البابا شنودة،لكن ما يهمنا هو الكارثة الجديدة التي كشف عنها مكسيموس النقاب مؤخرا من خلال الكتيب الصغير الذي أصدره خلال فترة معرض الكتاب الماضي والذي كان يريد من خلاله أن تصل رسالة الي الكنيسة أنه ورغم حكم مجلس الدولة في قضيته حيث لم يتم الاعتراف به ولا بطائفته،الا انه سيظل مستمرا في طريقه وربما تحديه الي ابعد مدي.
كتيب الانبا مكسيموس حمل عنوان «رؤية جديدة للاصلاح» وكأنه يقول :اذا كانت الرؤية القديمة لم ترق لكم فها هي رؤية جديدة لمن يريد أن يسمع،لكن أهم من هذه الرؤية يأتي أهم ما حاول الانبا مكسيموس تسريبه من أجل احراج الكنيسة ووضعها في خانة «اليك» من جديد،فقد انتقد أوضاع الكنيسة وهذا ليس جديدا لكنه تساءل عن أسباب خروج المسيحيين من المسيحية وبنسبة كبيرة ويقدر هو الرقم بمليون قبطي هجروا الكنيسة الي غيرها من الديانات والطوائف في عصر البابا شنودة وحده فمن المسئول عن هؤلاء؟ بل إنه يطالب الاقباط بأن يسألوا البابا شنودة شخصيا عمن جعل هؤلاء يخرجون عن دينهم دون أن يفكروا مجرد تفكير في أن يعودوا اليه مرة أخري.
لكن من أين حصل مكسيموس علي مثل هذا الرقم؟هل أجري دراسة ووصل من خلال الادوات العلمية اليه؟أم انه كما يقول رجال الكنيسة الارثوذكسية انه يسعي الي تشويه تجربة البابا شنودة والسلام ولذلك يتورط أحيانا في مثل هذا النوع من التصريحات التي لا يمتلك دليلا واحدا عليها.
المفأجاة والتي لا أعرف هل هي مفاجأة لرجال البابا شنودة أم يعرفونها؟أن مكسيموس ليس وحده الذي يقول هذا الكلام بل سبقه اليه آخرون استرشد هو بهم وسار علي دربهم،وان كانت المقاصد مختلفة.
من هؤلاء مثلا سامي المصري الذي كتب علي منتدي الحوار المتمدن مقالا صادما عنوانه:لجنة تثبيت أم افساد العقيدة.. والأب متي المسكين، تحدث فيه عن مؤتمرات تثبيت العقيدة التي يقيمها ويشرف عليها الانبا بيشوي- صاحب المناصب الكثيرة في الكنيسة والاهم من ذلك الذراع اليمني للبابا شنودة- ويخصص الكثير من جلساته للهجوم والنيل من قيمة وقامة الاب متي المسكين لدرجة وصلت الي تكفيره واخراجه من المسيحية جملة وتفصيلا.
في نهاية المقال يوجه سامي المصري كلمة أخيرة ليس لشخص بعينه لكن ربما لكل من يهمه أمر الاقباط يقول: بينما يضيع الانبا بيشوي وقت الناس وجهدهم في هذا الهراء الذي يسمي مؤتمر تثبيت العقيدة تترك الكنيسة القبطية أعدادا تصل الي 200 فتاة كل يوم في القاهرة وحدها بمعدل 50 ألف مرتد عن الايمان في السنة في القاهرة وحدها،وذلك حسب تقرير لجنة تثبيت الايمان برئاسة الانبا باخوميوس،وليت الرئاسة الكنسية تستفيق من ثباتها العميق لتنقذ ما يمكن انقاذه بدلا من هذا العبث.. لكن ما هو تقرير تثبيت الايمان هذا والذي صدر برئاسة الانبا باخوميوس،أحد المواقع الاسلامية سرب تسجيلا صوتيا لمقتطفات من مؤتمر عقدته الكنيسة المصرية تحت اسم مؤتمر تثبيت الايمان،وكان الهدف منه مناقشة زيادة أعداد معتنقي الاسلام من المسيحيين،الذين حضروا هذه الجلسة كانوا:الانبا باخوميوس مطران البحيرة ومديرية التحرير ووادي النطرون والخمس مدن الغربية شمال افريقيا، والانبا تاضروس الاسقف العام لمطرانية البحيرة والانبا دانيال الاسقف العام والانبا موسي أسقف الشباب والقمص أنسطاسي الصموئيلي،وقد أكد لي عدد من الذين استمعوا الي هذا التسجيل أن هذه هي بالفعل أصوات هؤلاء القيادات الكنسية وأن التسجيل صحيح ولا شبهة فيه من دسه علي الاقباط أو تزويره.
يعترف رجال الدين المسيحي في هذا التسجيل بتزايد أعداد معتنقي الاسلام من المسيحيين لدرجة تهدد بقاء المسيحية نفسها في مصر وقد قال احدهم إن الامر قد يصل الي انقراض المسيحيين في مصر،وقد قدر بعض الحاضرين أن عدد الذين يخرجون من المسيحية كل عام يصل الي 50 ألف قبطي،وهو نفس الرقم الذي اعتمد عليه صاحب الحوار المتمدن أي أن هذه بضاعة الكنيسة وقد ردت اليها.
علي الضفة الاخري تنكر الكنيسة أن تكون الظاهرة بمثل هذا الحجم بل انهم يهونون منها كثيرا،وقد تكون هناك بالفعل مبالغات عديدة من الذين يتحدثون عن الاسلمة وخروج المسيحيين من دينهم لكن هذا لا يمنع أن هناك أعداداً كثيرة من المسيحيين تفعل ذلك ولكل أسبابه،تعترف الكنيسة بسبب واحد منها وهو الرغبة في الحصول علي الطلاق والزواج من جديد فالكنيسة تعرقل الطلاق وتقف في طريقه فلا يجد القبطي أو القبطية الذين يريدون أن يستعيدوا حياتهم من جديد أن يشهروا اسلامهم أو علي الأقل يغيروا ملتهم،وفي ذلك طرق كثيرة،وان هناك اتجاهاً للكنيسة للحصول علي الموافقة علي قانون الطوائف الموحد الذي يجعل امام الراغبين في الطلاق طريقا واحدا للحصول عليه وهو الاسلام ،فتغيير الملة في هذا القانون سيستدعي أن يحصل المسيحي علي موافقة الطائفة التي يريد أن ينتقل اليها وكذلك موافقة الطائفة التي سيخرج منها.
لكن هناك أسباباً أخري عديدة أهمها أن الطوائف المسيحية الأخري في مصر تمارس نوعا من التبشير الداخلي داخل المسيحية،وتستغل هذه الطوائف حالة الضيق الشديدة التي يعاني منها المسيحيون الارثوذكسي بسبب تشدد المذهب وتشدد الكنيسة كذلك في تطبيقها،ولذلك من السهل علي المسيحي الارثوذكسي أن يترك طائفته أو دينه كله في لحظة يقرر فيها أن يعيش حياته بطريق آدمية،كل ذلك والكنيسة سائرة في طريقها دون أن تحاول مجرد محاولة أن تسترجع ابناءها، ولا يزال الأقباط الذين يترددون علي باب الانبا بولا المسئول عن اصدار تصاريح الزواج الثاني عندما هددته احدي السيدات بأنها ان لم تحصل علي التصريح بالزواج فستشهر اسلامها،فقال لها الانبا بولا ساخرا:احنا حاطين ميكروباص جنب الكاتدرائية علشان يروح باللي زيك لحد مشيخة الازهر.
هناك أزمة في الكنيسة اذن لا تستطيع أن تتنكر لها ولو حتي بالكلام الدبلوماسي الذي يمكن أن تسمعه من عدد كبير من الاساقفة وهم يجيدونه ببراعة شديدة ،فالكلام الدبلوماسي حتي لو كان جميلا فانه لا يستطيع أن يحل أي مشكلة حتي لو كانت صغيرة،لكن يبدو أن قيادات الكنيسة لا تعرف ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق