الجمعة، 26 فبراير 2010

هل تهرب البابا شنودة من الضرائب؟


هل تهرب البابا شنودة من الضرائب؟
لم تكن بداية جلسة مجلس الشوري يوم السبت الماضي، تنبئ بالأحداث الساخنة التي شهدتها الجلسة، فقد كانت الجلسة مخصصة لمناقشة عدة اتفاقيات وصفها وزير مجلسي الشعب والشوري د.مفيد شهاب وعدة نواب، بأنها اتفاقيات نمطية. أولي هذه الاتفاقيات كانت اتفاقية بين الحكومة المصرية واليونسكو عن تنمية القوي البشرية، خاصة النساء في الصعيد، من خلال إنتاج قماش التل وبيعه للسياح، طبقاً للاتفاقية، فإن اليونسكو ستدفع 250 ألف دولار، بينما تتحمل الحكومة المصرية نحو 1.2 مليون دولار، كما اشترطت الاتفاقية علي الحكومة تعيين خبراء لتنفيذ الاتفاقية يحصلون علي مزايا مالية وحصانة دولية، بينما كانت المناقشات تدور حول جدوي الاتفاقية انفجرت مفاجأة من العيار الثقيل، فقد تبين للأعضاء أن أمين عام المجلس القومي للمرأة د.فرخندة حسن هي التي قامت بالتوقيع علي الاتفاقية عن الجانب المصري وليس وزارة الخارجية أو وزارة التعاون الدولي كما هو متبع في مثل هذه الاتفاقيات، ولم تكن مشكلة التوقيع هي الوحيدة التي تفجرت في الجلسة الساخنة، فقد أعلنت د.فرخندة حسن أن الاتفاقية تم تنفيذها بالفعل منذ عام أي في بداية عام 2005، بينما رئيس الجمهورية وقع علي الاتفاقية في 4/12/2005 ثم أحالها الرئيس لمجلس الشوري يوم 6/12/2005 وتمت مناقشتها في المجلس السبت الماضي يوم 13/1/2006.
والمثير أن الاتفاقية ستمر بعد ذلك لمجلس الشعب للتصديق عليها طبقاً للدستور وهو ما يعني أن فرخندة نفذت الاتفاقية قبل توقيع رئيس الجمهورية وقبل تصديق مجلس الشعب وموافقته وقبل مناقشتها في مجلس الشوري فكيف نفذت فرخندة وحدها الاتفاقية دون موافقة كل هذه الجهات؟!
وطبقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 383 لسنة 2005 بشأن الموافقة علي الاتفاقية فإن د.فرخندة حسن قد قامت بالتوقيع «بدلاً من الحكومة» علي الاتفاقية يوم 31/3/2005 ثم بدأ تنفيذ المشروع بالفعل قبل توقيع رئيس الجمهورية في 4 ديسمبر 2005 أي قبل موافقة الرئيس علي الاتفاقية بنحو سبعة أشهر، وقبل موافقة مجلس الشعب عليها بنحو ثمانية أشهر.

ما بين مصلحة الطب الشرعي، وساحات المحاكم، كان اسم البابا شنودة، يطل من بين الأوراق طرفاً في قضية، تثير الكثير من علامات الاستفهام، تارة حول التشكيك في عمليات بيع وشراء قام بها البابا، وطرفها الآخر مورث الذين اختصموه، وتارة أخري حول ما فجرته هذه الخصومة من مفاجآت، أقل ما توصف به أنها من العيار الثقيل، لأن الدولة طرف فيها، ومفادها التحايل علي مصلحة الضرائب، والتهرب من الرسوم السيادية المستحقة لصالح الخزانة العامة للدولة، سواء من البائع أو المشتري.
أطراف القضية من رعايا الكنيسة، اختصموا قداسة البابا أمام المحاكم في القضية رقم 5682 لسنة 2004 مدني كلي شمال القاهرة، أما الموضوع فهو التشكيك في عقدي بيع محل في الصاغة وعمارة في مصر الجديدة، اشتراهما البابا شنودة في عام 2001 من سليم مينا مصري، المحل بسعر 20 ألف جنيه، والعمارة بـ800 ألف جنيه.
إلي هنا الأمر يبدو عادياً، فالموضوع لا يتعدي حدود البيع والشراء، لكن بعد 8 أشهر، باع البابا شنودة الثالث محل الصاغة لأشرف فؤاد بطرس بسعر مليوني جنيه، وهو بزيادة مائة ضعف عن الثمن المدون في عقد البيع.
تقدم المشتري الجديد «أشرف فؤاد» إلي المحكمة ورفع دعوي صحة بيع ونفاذ للعقد، ضد البابا شنودة الثالث وضد ورثة سليم مينا مصري، للتصديق علي عملية البيع، إلا أن الورثة طعنوا في عقد البيع المؤرخ بتاريخ 20/11/2001، لأن هذا التاريخ وفق دعواهم هو نفس اليوم الذي دخل فيه مورثهم إلي المستشفي في حالة صحية حرجة، حيث أوضحوا في عريضتهم عدم علمهم بواقعة البيع الصادرة من مورثهم، ولا بالتعاقد المبرم بين البابا ومورثهم.
أوضحوا في الدعوي أنه في حوالي الثامنة من صباح يوم 20/11/2001 «تاريخ تحرير عقد البيع، وتاريخ دخول سليم مينا مصري للمستشفي»، توجه الأنبا أنطوني وهو أحد مساعدي قداسة البابا، إلي منزل مورثهم وطلب منه التوجه معه لمقابلة البابا شنودة في مقره بالكاتدرائية بالعباسية، ونظراً لعدم قدرة مورثهم علي الحركة، فقد حمله الأنبا أنطوني في سيارته، وغادر المنزل متوجهاً إلي الكاتدرائية، وبعد 3 ساعات عاد الأنبا أنطوني ومعه سليم مينا مصري، وطلب من زوجته إعداد حقيبة ملابس لزوجها ومرافقتهما لمستشفي السلام الدولي لإجراء جراحة عاجلة.
تلك الحالة التي وصفوها في الدعوي المنظورة أمام محكمة شمال القاهرة، هي التي دفعتهم للتشكيك في واقعة البيع، وتقدموا بتقرير طبي أرفقوه كمستند في دعواهم صادر من مستشفي السلام، يوضح الحالة المرضية لمورثهم وقت واقعة البيع، ويقول التقرير إن سليم مينا مصري دخل مستشفي السلام بتاريخ 20/11، وأنه يعاني من سرطان في المستقيم، وسرطان في البروستاتا، وجلطة سابقة بالقلب، وقصور بالشرايين التاجية، وارتفاع في نسبة السكر بالدم، وتبين وجود تليف وانسداد بأنسجة الرئتين، وضيق بالشعب الهوائية.
وبتاريخ 22/11/2001، تم استئصال جذري للمستقيم والقولون الحوضي، وتوصيل القولون بالجزء السفلي من المستقيم مع عمل فتحة إخراج جانبية بجدار البطن، وأجريت له أيضاً جراحة لاستئصال الخصيتين، وتبين بتحليل الأنسجة بعد الجراحة وجود ورم سرطاني بالمستقيم والغدد الليمفاوية، وتم وضعه في العناية المركزة بعد الجراحة تحت أجهزة التنفس الصناعي، حتي توفي بتاريخ 13/12/2001، أي بعد 3 أسابيع من دخوله، وأن العلاج والإشراف كان للدكتور فتحي إسكندر ووقع التقرير الدكتور جميل سيف مدير المستشفي، لم يكن ذلك وحده هو الذي جعل ورثة سليم مينا مصري يشككون في واقعة البيع، ولكن عدم اتساق الأسعار المدونة في العقود مع القيمة الحقيقية للمحل والعمارة، وهو ما دفع عباس حجر محامي الورثة لأن يطلب من المحكمة في دعوي صحة ونفاذ عقد بيع عمارة مصر الجديدة، بإحالة الدعوي وأوراقها إلي مصلحة الطب الشرعي، لفحص الملف المرضي لسليم مينا مصري، لبيان إذا كانت هذه الأمراض تغل من إرادة المورث من عدمه، وهو ما استجابت إليه المحكمة، ومازالت مصلحة الطب الشرعي تفحص الحالة عبر الأوراق لإعداد تقريرها وتقديمه للمحكمة الشهر القادم.
أما قصة المحل، الذي اشتراه البابا بـ20 ألف جنيه وباعه بـمليوني جنيه، فهي التي فجرت فضيحة التهرب من الرسوم السيادية، ففي جلسة 18/5/.2005، وفي محضر جلسة رسمي أمام الدائرة 26 مدني شمال القاهرة، أحضر محامي البابا شهود نفي «أي أنهم شهود للتأكيد علي صحة ما قاله محامي البابا»، أحد الشهود ـ وفق محضر الجلسة ـ اسمه ممدوح كمال موريس، يعمل صائغا وبعد حلف اليمين أمام هيئة المحكمة. قال: إن سليم قبل وفاته باع محله في الصاغة للبابا وباع عمارة في شارع سنان بمصر الجديدة أيضاً، وأن سليم مينا ذهب للبابا علشان يكتب العقد، وأن الشاهد «ممدوح» ذهب معه، وقابلا البابا وكتبوا عقدا بينهم، وكتبوا ثمن المحل 20 ألف جنيه، ولكن البابا دفع أكثر من كده بكتير وعرفت أنه كتب المبلغ «20 ألفا فقط» ع«لشان الضرائب».
وأقر الشاهد أنه حضر مجلس العقد، وأن الاتفاق علي أن يبقي حق الرقبة للبائع علي أن يحتفظ بالمنفعة مدي الحياة، ووقع علي أقواله أمام هيئة المحكمة التي قررت إنهاء التحقيق، وستنظر الدعوي أول فبراير 2006، للفصل في هذا النزاع، الذي خرجت من دهاليزه قصة التهرب ـ لو صدق كلام الشاهد الذي أتي به محامي البابا ـ ففي هذه الحالة يكون هناك تهرب من البائع من قيمة التصرفات العقارية، وقيمتها 5.2% والمشتري من رسوم التسجيل وقيمتها 3% من قيمة الأموال المدفوعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق